جاعلًا من "صحيح البخاري" محورًا للبحث ومناقشهّ آراء المتقدمين من النحاة. فامتاز عن غيره من الأصول بهذه الخصيصة، (١٠٠) مع كثرة شواهده ووفرتها قياسًا الي ما في مصنفات ابن مالك الأخرى.
ولم يتهيأ لكتاب نحوي في مثل حجم "شواهد التوضيح" ما تهيأ له من النصوص، إذ ضم -على صغر حجمه- سبع مئة وثلاثين شاهدًا ما بين آية وحديث ومنظوم ومنثور من كلام العرب.
وفيه انفرد المؤلف بذكر أبيات من الشعر كثيرة، استدل بها على قواعد نحوية، فاستدرك على النحاة جملة من القواعد، وكثيرًا من الشواهد، ونفّس عن العربية بعض الشيء.
ومن محاسن منهجه في الاستشهاد أن نصوص النثر تتكافأ ونصوص الشعر أو تزيد عليها، وهي طريقة تخالف ما جرى عليه أكثرالنحاة حين اهتموا اهتمامًا زائدًا بأبيات الشعر.
والاعتماد على النصوص الوفيرة والاسلوب العربي السليم وسم الكتاب بالسمة التطبيقية الوصفية التي ترفض الاقتصار على التعليل والتأويل غالبًا، وتتوخى التسهيل والتيسير.
وكان لهذا المنهج تأثير واضح في كثير ممن جاء بعده من النحاة الذين أخذوا بشواهده ورددوها في كتبهم واثقين بها. وكثيرًا ما يجد المطالع فيها عبارات تنسب النصوص إلى ابن مالك. مثل قولهم (أنشده ابن مالك) و(ذكره ابن مالك) و(استدل بقوله) و(مثل بقوله ﷺ). (١٠١)
ويلقي الكتاب الضوء على الصلة بن النحو والتفسير، فقد إنتشرت
_________
(١٠٠) ولأبى البقاء العكبري المتوفى سنة ٦١٦ هـ كتابا "اعراب الحديث النبوي" يقوم على توجيه اعراب ما يشكل من الألفاظ الواقعة في الأحاديث ليس غير. أما كتابنا موضوع الدراسة فهو بحث نحوي يقوم على مناقشة النحاة والاستناد إلى الاحتجاج بالشواهد الكثيرة فالكتابان مختلفان في المنهج والموضوعات.
(١٠١) ينظر على سبيل المثال: شرح الألفيه لابن الناظم ص ١٩٨ و٢٧٢ و٢٧٧ والجنى الداني، للمرادي ص ١٠ و١٩٧ و٢٢٨ و٢٦٣ و٣١٤ و٣١٧. ومغني اللبيب، لابن هشام ١/ ٦٧ و٩٦ و٩٩ و٢/ ٥١٤ و٥٢١ وشرح الألفية لابن عقيل / ١/ ١٩٤ و٥٧٥. والأشموني ١/ ٢١٥ و٢٣٣ و٤/ ١٢. والتصريح على التوضيح (مع شرح العليمي) ١/ ٣٦٥ و٣٧٧ و٣٩٢.
1 / 34