زمن تاليف الكتاب
ليس بين ايدينا ما يحدد السنة التي أنهى المؤلف وضع كتابه فيها. إذ لم أظفر بما يدل على ذلك أو يشير إليه.
ولكن الباعث الأهم الذي ذكرته في دوافع التأليف يقول إلى القول بأنه من مصنفات ابن مالك المتأخرة؛ ذلك لأنه جاء نتيجة قيامه بالاشراف على مقابلة مخطوطات "الجامع الصحيح" (٦) بطلب من العالم المحدث شرف الدين اليونيني (٦٢١ هـ - ٧٠١ هـ) (٧)، مما حبب إليه جمع الملاحظات اللغوية والنحوية التي عنّت له في أثناء المجالس الاحدى والسبعين، وتعضيد مسائلها بالشاهد والدليل، ثم ضمّنها كتابًا مستقلا. وفي ذلك يقول القسطلاني (كان الجمال بن مالك لما حضر عند المقابلة المذكورة إذا مر من الألفاظ ما يتراءى أنه مخالف لقوانين العربية قال للشرف اليونيني: هل الرواية كذلك؟ فان أجاب بأنه منها شرع ابن مالك في توجيهها حسب إمكانه، ومن ثم وضع كتابه المسمى بـ "شواهد التوضيح") (٨)
ومن الثابت إلاَّ ينهض بمثل هذا العمل الدقيق إلا عارف بالنحو، متمكن من اللغة، مشهور بين الناس بضبطه وعميق عرفانه بالعربية. ولا يتم ذلك إلا بعد أن سارت مؤلفاته في الآفاق واشتهرت.
ونلمح في الكتاب آراء المؤلف النحوية واللغوية واضحة جلية، فيها نضج، وتتسم استنتاجاته بالدقة، ويبدو تمكنه من الاستدلال بالشواهد المستفيضة، ومناقشة آراء أكابر النحاة بالحجة المبيّنة.
_________
(٦) حدد القسطلاني في إرشاد الساري ١/ ٤٠َ تاريخ المقابلة بسنة ست وسبعين وست مئة فى
دمشق. وهذا التاريخ محرف. واظن ان الصواب هو سنة ست وستين أو سبع وستين وست
مئة. وذلك لأن الإجماع منعقد على ان ابن مالك توفي سنة اثنتين وسبعين وستة مئة.
(٧) ترجمته في الذيل على طبقات الحنابلة ٢/ ٣٤٥.
(٨) إرشاد الساري ١/ ٤٠ - ٤١.
1 / 12