Sharkh Bukhnir Mengikut Madzhab Darwin
شرح بخنر على مذهب دارون
Genre-genre
وممن ذهب هذا المذهب في الوقت نفسه أحد المفكرين الفرنساويين المدعو بطرس بيل، توفي سنة 1706 في سن 32 سنة، وهو صاحب قاموس كبير في التمحيص التاريخي، له أفكار من مثل قوله: «الجحود أفضل من الاستمساك بالأوهام»، و«تقوم الأمة بدون الاعتقاد بالله»، و«بخلود النفس».
وإلى تأثير فلسفة كوك ينسب الكتاب الذي ألفه جون تولند الإنكليزي وموضوعه «النصرانية بلا أسرار» والطبعة الثالثة منه كانت سنة 1702. وقد انتشر هذا الكتاب جدا، وكان له تأثير عظيم بين الناس، فتعقب أهل السلطة مؤلفه حتى اضطر أن يهرب من إنكلترا، ولم يكن في كتابه هذا شيء ضد الدين إلا من حيث الأسرار. ثم تطرف أكثر فأكثر، حتى إنه في رسائله إلى سيرينا (شارلوط ملكة بروسيا، وكانت من الفلاسفة) صرح بالرأي المادي، وجعل أصل كل شيء في القوة والمادة، فالمادة عنده حية ومتحركة من نفسها، وكل شيء تبادل في المواد والصور لا يفتر، ولا يوجد جسم
4
ساكن سكونا مطلقا، والفكر ليس سوى حركة جسدية دماغية مرتبطة بالعالم المادي.
وممن سار على خطوات لوك دافيد هوم الإنكليزي وكونديلياك الفرنساوي، وكلاهما من رجال القرن الثامن عشر الذي انتشرت الفلسفة المادية فيه جدا. وقبل الخوض في هذا العصر يليق بنا أن نحول نظرنا إلى ألمانيا في القرن السابع عشر؛ لأننا لم نذكر فيما تقدم إلا أسماء فلاسفة من الطليان والإنكليز والفرنساويين، فنقول:
إن ألمانيا في هذا العصر لم يكن فيها أحد يعادل من ذكره، وليس لنا منها سوى رسالة في جوهر النفس مجهولة اسم المؤلف، ركيكة العبارة بين اللاتينية والفرنساوية. وقد قام فيها مؤلفها ضد الأفكار الفلسفية اللاهوتية المتعلقة بجوهر النفس، وضد الآراء المتضادة فيما خص مقرها في الجسد، ويعرف العقل أنه حركة في ألياف الدماغ الدقيقة، ولا يسلم بوجود نفس منفصلة عن الجسد.
ثم إن الطبيب الألماني بنكراسيوس ولف (سنة 1697) قال: إن الأفكار ليست من أعمال النفس الروحانية، بل هي أعمال مادية للجسد، وبالتخصيص للدماغ. ومثله قال أيضا فريدريك ستوش (1692)؛ فإنه أنكر خلود النفس وروحانيتها، وذهب إلى أن نفس الإنسان ليست إلا اعتدالا بين الدم والأخلاط التي تجري في العروق السليمة، وتولد جميع الأعمال الإرادية وغير الإرادية.
الرأي المادي في القرن الثامن عشر
الرأي المادي في هذا القرن، والرأي المادي في القرن الذي تقدمه يتفقان ويختلفان معا؛ يتفقان من حيث اقتصارهما على الخاصة، ويختلفان من حيث إن الرأي المادي في هذا القرن لا يقف عند حد خلافا لسابقه. وأصحابه هم الذين هيئوا الثورة الفرنساوية التي قلبت وجه العالم بتغييرها مجرى السياسة والأفكار. ومن زعمائه في فرنسا الكاتب دلامتري، وهو من أعظم الماديين الفرنساويين، وكان طبيبا ماهرا، وفلسفته من الطبقة العالية خلافا لقول بعضهم أنها دنيئة، وربما قال هذا القول من دون أن يطلع عليها. وأطواره أنبل جدا من أطوار خصميه فولطير وروسو. وفريدريك الكبير الذي ضمه إلى بلاطه يقول عنه أنه حسن المعاشرة، بشوش الوجه، ويمدح طهارة نفسه، ونبالة أخلاقه. فلا نعلم كيف وصفه بعض المؤرخين كهنتر بالفحش، وأنه لم يتبع الرأي المادي إلا لكي يجد عذرا لشبقه، ولعله كتب عن هوى وتعصب.
ولد دلامتري سنة 1709 في سان مالو، وقرأ العلوم والآداب، وتميز في المدرسة منذ حداثته؛ إذ نال كل جوائز صفه في السنة الأولى. وكان فصيحا يحب الشعر، وانصب في أول الأمر على آداب اللغة، وترشح أخيرا للقسيسية، ثم تحول عنها. ودرس الطب ومارسه حتى سنة 1733، فرحل إلى هولاندة، ودخل في مدرسة ليد حيث قرأ على بوهراف الشهير، وترجم إلى الفرنساوية كثيرا من كتبه؛ وبسبب ذلك حصل بينه وبين أرباب السلطة في باريز خلاف ونفور، وقد هجاهم هجوا مرا. ولما اضطر إلى الهرب من باريز عاد إلى ليد، وهناك طبع تاريخه الطبيعي في النفس، وبعد سنة ألف كتابه الشهير «الإنسان الآلة». قيل: إنه أصيب بحمى محرقة، فاستدل من مراقبتها على نفسه أن الفكر نتيجة تركيب الجسد.
Halaman tidak diketahui