Sharh Zad al-Mustaqni - Al-Shanqiti - Tafreegh
شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ
Genre-genre
مسألة زوال النجاسة عن الماء ورجوعه إلى حالته الأولى
قال المصنف ﵀: [فإن أضيف إلى الماء النجس طهور كثير].
تقدم أن الماء يتنجس إذا وقعت فيه نجاسة، وتبقى عندنا مسألة وهي: كيفية زوال النجاسة ورجوع الماء إلى حالته الأولى من كونه طهورًا أو طاهرًا، توضيح ذلك: قلنا: إن الماء في الأصل طهور؛ فإن تغير بنجسٍ فهو نجس، وإن تغير بطاهرٍ فهو طاهر، فإذا عرفنا أن الماء ينتقل من كونه طهورًا إلى كونه نجسًا بالنجاسة.
فقد يسألك سائل ويقول: أنت حكمت بكون الماء الطهور صار نجسًا لوجود أثر النجاسة، أرأيت لو أن أثر النجاسة هذا زال بحرارة الشمسٍ، أو صببنا ماءً كثيرًا على الماء المتنجس حتى غالب النجاسة فذهب لونها وطعمها وريحها، هل نحكم برجوع الماء إلى حالته الأولى من كونه طهورًا؟! فقال ﵀: [فإن أضيف إلى الماء النجس طهورٌ كثير غير تراب ونحوه، أو زال تغير النجس الكثير بنفسه، أو نزح منه فبقي بعده كثيرٌ غير متغير طهر].
فالماء إذا تنجس بنجاسة، ثم صُبّ عليه ماء طهورٌ حتى يبق معه أثرٌ للنجاسة، فإنه في هذه الحالة نحكم بكونه طهورًا عاد لحالته الأولى.
والمهم عندنا تأثر الماء بالنجاسة، فإذا أثرت النجاسة في الماء فهو متنجس، وإن صُبّ على الماء المتنجس طهورٌ كثير حتى رجع إلى حالته الأولى وغلب الطهور النجس بحيث لم يوجد أثرٌ للنجاسة حكمنا بكون الماء طهورًا؛ لأن القاعدة تقول: الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فالحكم: هو النجاسة، والعلة: هي وجود أثر النجاسة، فإذا وجدت في الماء أثر النجاسة حكمت بكونه متنجسًا، وإذا زال أثر النجاسة عن الماء حكمت بكونه طاهرًا وراجعًا إلى أصله.
فمثل لك ﵀ بصب الطهور الكثير، فلو أن إنسانًا عنده ماءٌ قليل قدر الكأس، ووضعه في إناء، فجاءت قطرة من بول وأثرت في هذه الكأس أو الكأسين، ثم أراد أن يطهر هذا الماء المتنجس فصب -مثلًا- إلى منتصف الإناء حتى ذهب لون النجاسة وطعمها وريحها، فنقول: هذا الماء انتقل من كونه نجسًا إلى كونه طهورًا، وهذا من رحمة الله جل وعلا ولطفه بالعباد.
وهذا بشرط أن يكون الماء الذي صُبّ طهورًا، أما إذا كان الماء الذي صبه طاهرًا فقد انتقل الماء من كونه نجسًا إلى كونه طاهرًا.
5 / 4