أقول: لما كان الإيمان أمرا حقيقيا معلوم الحد، وهو تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله، والكفر على ضد ذلك، فمن قام به التصديق فهو مؤمن حقا، ومن قام به خلافه فهو كافر حقا، كالقعود والسواد والبياض، لما كانت معاني معلومة الحد كان الذات بها قاعدا أسود أبيض إذا وجدت بحقيقتها، قال الله تعالى: ?أولئك هم المؤمنون حقا? [الأنفال: 4]، أتى بالجملة الاسمية مبتدئا باسم الإشارة مفصلا بضمير الفصل معرفا بالخبر مؤكدا بالمصدر، وقال: ?أولئك هم الكافرون حقا? [النساء: 151]، وكل ذلك يدل على قيام الإيمان والكفر بهم حقيقة على ما عرف في موضعه.
قوله: (وليس في الإيمان شك) أي: لا يصح أن يقال: أنا مؤمن إن شاء الله، وهذا لأن هذا الكلام إنما يلحق فيما يشك ثبوته في الحال، أو في معدوم على خطر الوجود، لا فيما هو ثابت في الحال قطعا (1).
Halaman 51