Sharh Usool I'tiqad Ahl al-Sunnah by Muhammad Hassan Abdul Ghaffar
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار
Genre-genre
بطلان المقولة المشهورة (الله نعرفه بالعقل)
هناك مقولة مشهورة جدًا تقال: (الله نعرفه بالعقل)، وهي مقولة ليست صحيحة، وإنما نعرفه بالوحي، والدليل على ذلك: قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد:١٩].
واللوازم الباطلة التي تستلزم مقولة (الله نعرفه بالعقل) ما يلي: أولًا: إنكار الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإذا قلت: الله نعرفه بالعقل، فلست محتاجًا إلى رسول يبعث إليك ليعرفك بربك جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
ثانيًا: تقديم العقل على النقل، فعندما تقول: عرفت ربي بعقلي، وهذا في الأصول، فأي حكم من الفروع يأتيك ستقول: هذا عقلي لا يستسيغه! فإذا كان الله جل وعلا أعرفه بعقلي، فبقية الأحكام كلها لا أعرفها، وتقول لي: الأصل في العبادات التوقيف، وهذا الكلام ليس بصحيح، لأنّ ما قبله العقل أخذنا منه، وما لم يقبله العقل يرد؛ لأن الله قد عرفته بعقلي، وهذا لازم باطل جدًا.
ثالثًا: يقول: أنا عرفت بعقلي أن ربي له عينًا، وهذه العين صفتها كذا، واليد كذا، والآخر يأتي ويقول: عرفت بعقلي أنه ليس له عين بحال من الأحوال، ولا يسمع أيضًا، وكلهم يصف الله بعقله! رابعًا: أن الله جل وعلا لا يعذب يوم القيامة على العقل، وعلى التحسين والتقبيح، وعلى ميثاق الفطرة، فلا يقال: أنت عندك عقل عرفت به أن الله واحد، وعبادة الله جل وعلا لابد أن تكون لواحد، ولو صرفتها لغير الواحد تكون مشركًا، فلابد أن تعذب، هذا باطل لصريح قول الله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:١٥]، وبهذه الشبهة فتحوا الباب على مصراعيه للمعتزلة وغيرهم، من الذين يقدمون عقولهم على شرع الله ودين الله جل وعلا.
12 / 4