Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen
شرح عمدة الأحكام لابن جبرين
Genre-genre
معنى الحدث وشموله لجميع موجبات الوضوء
يقول العلماء: إن الحدث أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع من الصلاة ومن الطواف ومن مس المصحف، فالحدث الأصغر أمر معنوي وليس حسيًا.
فلو رأيت اثنين أحدهما على وضوء والآخر محدث، فلا تفرق بين هذا وهذا، فالحدث أمر معنوي يقوم بالبدن كله، والمحدث بدنه كله موصوف بأن عليه حدثًا، ومع ذلك أعضاؤه نظيفة ليس فيها شيء يُعرف أنه قذر أو وسخ، وليس في بدنه نجاسة، حتى ولو كان جنبًا، فالجنب بدنه طاهر، فلو غمس يده في ماء فلا يقال: إن ذلك الماء تنجس، فتجوز مصافحته ومؤاكلته، فإن النبي ﵊ لما لقيه أبو هريرة وكان جنبًا انخنس وذهب ليغتسل، ولما سأله النبي ﷺ؟ قال: كرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال النبي ﷺ: (إن المؤمن لا ينجس) يعني: ليس بدنك نجسًا، إنما عليك حدث يمنعك فقط من الصلاة ونحوها، فأما بدنك فلا مانع من أن تأكل، ولا مانع من أن تصافح الناس، ولا مانع من أن تجالسهم.
وتسمى موجبات الوضوء أو نواقض الوضوء أحداثًا؛ لأنها تتجدد، أحدث أي: انتقض وضوءه، فإذا أكل لحم إبل مثلًا قيل: أحدث، يعني انتقض وضوءه، وإن كان قد خص أكثرهم الحدث بما ينقض الوضوء من الريح أو الخارج من أحد السبيلين، وقد جاء أن أبا هريرة ﵁ لما حدث بهذا الحديث سأله رجل من أهل حضرموت عن الحدث، ففسره بالريح التي تخرج من الدبر، ولكن لا يعتبر هذا هو الحدث فقط، فالبول حدث، وكذا الغائط، وكذا نواقض الوضوء الأخرى كالمباشرة ومس المرأة بشهوة، أو مس الفرج باليد، أو أكل لحم الإبل، أو تغسيل الميت، هذه كلها نسميها أحداثًا؛ لأنها توجب الوضوء، فإذا انتقض وضوء الإنسان بواحد منها فلا يقبل الله صلاته إلا بعد أن يتوضأ؛ بدليل قوله ﷺ: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) .
1 / 8