245

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

Genre-genre

بيان وجوب الطمأنينة وأهميتها الآن نحن نشاهد كثيرًا من الناس إذا رأيتهم يصلون الصلاة وحدهم، أو يصلون نافلة، فإنك ترى بعضهم راكعًا، ثم إذا رفع من الركوع لا تقول: إنه اعتدل، بل يرفع قليلًا ثم يخر ساجدًا، ولا يتم وقوفه، وهذه عادة سيئة، وهي أنه يطمئن في الركوع ولا يطمئن في الاعتدال، بل يرفع قليلًا وقبل أن يصير قائمًا ينحني، فكأنه ما استقام صلبه ولا وقف، بل إذا رفع وقارب من الرفع خر ساجدًا. ومثل ذلك أيضًا تخفيفهم للجلسة بين السجدتين، فتراه مثلًا ساجدًا مطمئنًا في سجدته، ولكن إذا رفع رأسه للجلسة بين السجدتين لم يجلس، إنما يرفع قليلًا وقبل أن يعتدل جالسًا يخر للسجدة الثانية، ولا يفصل بينهما بجلسة فيها طمأنينة. فكأن الذين كانوا يصلون في وقت أنس كانوا يخففونها بين الركنين تخفيفًا زائدًا عن غيرهما من الأركان، فأنكروا عليهم بفعل أنس حيث كان يطمئن فيمكث في الرفع بعد الركوع وفي الرفع بعد السجدة الأولى مكثًا زائدًا على ما يفعلونه، فإذا صلوا معه ظنوا أنه قد نسي في زيادته لهذا الفعل. فالحاصل أنا نلاحظ وتلاحظون هؤلاء الذين يخففون هذين الركنين أو يخففون غيرهما من الأركان، فإذا لاحظت فعليك التنبيه، وإخباره بأن هذه الصلاة ناقصة؛ وذلك لعدم الطمأنينة فيها، فإن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة. والمسيء صلاته لماذا أنكر عليه النبي ﷺ حيث قال له: (ارجع فصل فإنك لم تصلِّ) ثلاث مرات، ما الذي أنكره عليه؟ أنكر عليه تخفيف الصلاة وترك الطمأنينة فيها، ولهذا نبهه وقال له: (اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا) فأكدت كلمة (تطمئن) الطمأنينة وهي: الثبات والركود، فمن لم يطمئن في أركان صلاته فإنه يقال له كما في هذا الحديث: (ارجع فصل فإنك لم تصلِّ)، فانتبهوا وفقكم الله. وكذلك نبهوا إخوانكم الذين يخففون هذه الأركان حتى تكون صلاتهم مجزئة ومقبولة إن شاء الله.

13 / 30