الفصل الثاني في حكمه
وهو عند الكافة حجة خلافًا للنظام والشيعة والخوارج، لقوله تعالى: «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا» (١) وثبوت الوعيد على المخالفة يدل على وجوب المتابعة، وقوله ﵇ «لا تجتمع أمتي على خطأ» يدل على ذلك.
وكذا أيضًا قوله تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا» (٢) قال أئمة اللغة والمفسرون: الوسط الخيار سمي الخيار وسطًا لتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط، وإنما يحسن هذا المدح إذا كانوا على الصواب، وقوله تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» (٣) وجه التمسك به ذكرهم في سياق المدح يدل على أنهم على الصواب، والصواب يجب اتباعه، فيجب اتباعهم، ولأنه تعالى وصفهم بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (٤)، واللام للعموم، فيأمرون بكل معروف فلا يفوتهم حق لأنه من جملة
المعروف، ولقوله تعالى: «وينهون عن المنكر» والمنكر باللام يفيد أنهم ينهون عن كلّ منكر فلا يقع الخطأ بينهم ويوافقوا عليه لأنه منكر.
والعمدة الكبرى: أن كلّ نص من هذه النصوص مضموم للاستقراء التام من
(١) ١١٥ النساء.
(٢) ١٤٣ البقرة.
(٣) ١١٠ آل عمران.
(٤) جملة «وينهون عن المنكر» هنا زائدة في الأصول وليس ذلك مكانها وإنما مكانها يأتي في السطر التالي.