Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genre-genre
قوله: "وهما مسألتا الهدم والقطع مع الضمان" هما مسألتان خالف فيهما الشافعي أبا حنيفة محتجا بأن فيما ذهب إليه ترك العمل بالخاص. تقرير الأولى أن لفظ حتى في قوله تعالى: {فلا الأختين فالمحرم راجح وابن مسعود رضي الله تعالى عنه جعل قوله تعالى: {وأولات الأحمال} ناسخا لقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم} حتى جعل عدة حامل توفي عنها زوجها بوضع الحمل وذلك عام كله لكن عند الشافعي رحمه الله تعالى هو دليل فيه شبهة فيجوز تخصيصه بخبر الواحد والقياس لأن كل عام يحتمل التخصيص وهو شائع فيه وعندنا هو قطعي مساو للخاص وسيجيء معنى القطعي فلا يجوز تخصيصه بواحد منهما ما لم يخص بقطعي ; لأن اللفظ متى وضع لمعنى كان ذلك المعنى لازما له إلا أن تدل القرينة على خلافه، ولو جاز إرادة البعض بلا قرينة يرتفع الأمان عن اللغة والشرع بالكلية ; لأن خطابات الشرع عامة والاحتمال الغير الناشئ عن دليل لا يعتبر، فاحتمال الخصوص هنا كاحتمال المجاز في الخاص فالتأكيد يجعله محكما وإذا ثبت هذا فإن تعارض الخاص والعام، فإن لم يعلم التاريخ حمل على المقارنة فعند الشافعي رحمه الله يخص به، وعندنا يثبت حكم التعارض في قدر ما تناولاه وإن كان العام متأخرا ينسخ الخاص عندنا، وإن كان الخاص متأخرا، فإن كان موصولا يخصه، فإن كان متراخيا ينسخه في ذلك القدر عندنا حتى لا يكون العام عاما مخصصا.
"وعندنا وعند الشافعي رحمه الله يوجب الحكم في الكل" نحو جاءني القوم يوجب الحكم وهو نسبة المجيء إلى كل أفراد تناولها القوم. "لأن العموم معنى مقصود فلا بد أن يكون لفظ يدل عليه" فإن المعاني التي هي مقصودة في التخاطب قد وضع الألفاظ لها. "وقد قال رضي الله تعالى عنه في الجمع بين الأختين وطئا بملك اليمين أحلتهما آية وهي قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء:3]" فإنها تدل على حل وطء كل أمة مملوكة سواء كانت مجتمعة مع أختها في الوطء أو لا. "وحرمتهما آية وهي: {وأن تجمعوا بين الأختين} [النساء:23]" تدل على حرمة الجمع بين الأختين سواء كان الجمع بطريق النكاح، أو بطريق الوطء بملك اليمين. "فالمحرم راجح" كما يأتي في فصل التعارض أن المحرم راجح على المبيح. "وابن مسعود رضي الله تعالى عنه جعل قوله تعالى: {وأولات الأحمال} [الطلاق:4] ناسخا لقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم} [البقرة:234]
...................................................................... ..........................
تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة:230] خاص في الغاية، وأثر الغاية في انتهاء ما قبلها لا في إثبات ما بعدها فوطء الزوج الثاني يكون غاية للحرمة السابقة لا مثبتا لحل جديد، وإنما يثبت الحل بالسبب السابق وهو كونها من بنات آدم خالية من المحرمات كما في الصوم تنتهي حرمة الأكل والشرب بالليل، ثم يثبت الحل بالإباحة الأصلية، فوطء الزوج الثاني يهدم حكم ما مضى من طلقات الزوج الأول إذا كانت ثلاثا لثبوت الحرمة بها ولا يهدم ما دون الثلاث، إذ لا تثبت به الحرمة ولا تصور لغاية الشيء قبل وجود أصله، ففي القول بأنه يهدم ما دون الثلاث أيضا كما هو مذهب أبي حنيفة بناء على أن وطء الزوج الثاني مثبت لحل جديد ترك العمل بالخاص، وجوابه أن
Halaman 67