Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genre-genre
قوله: "بخلاف من دخل" أي لو قال من دخل هذا الحصن أولا فله ألف فدخله عشرة معا لم يكن لهم، ولا لواحد منهم شيء لأنه ليس عموم من على سبيل الانفراد بل عموم الجنس، وهنا لم الأمر الأول حتى يستحق الأول النفل سواء كان واحدا أو أكثر، ولا يراد المعنى الحقيقي، ولا الأمر الثاني حتى لو دخل جماعة يستحق الجميع نفلا واحدا أو ذلك لأن هذا الكلام للتحريض، والحث على دخول الحصن أولا فيجب أن يستحق السابق النفل سواء كان منفردا أو مجتمعا، ولا يشترط الاجتماع لأنه إذا أقدم الأول على الدخول فتخلف غيره من
...................................................................... ..........................
يتحقق أحد دخل أولا، ولا يجوز أن يجعل من استعارة عن الكل أو الجميع ليكون لكل منهم أو لمجموعهم نفل واحد لأن عموم الكل على سبيل الانفراد، وعموم الجميع على سبيل الاجتماع قصد، أو عموم من إنما يثبت ضرورة إبهامه كالنكرة في موضع النفي فلا مشاركة تصحح الاستعارة.
قوله: "وهاهنا فرق آخر" حاصله أن الأول هو السابق على جميع ما عداه، وهو بهذا المعنى لا يتعدد فعند إضافة الكل إليه يجب أن يكون مجازا للسابق على الغير مطلقا سواء كان جميع ما عداه أو بعضه كالمتخلف ليجري فيه التعدد فتصح إضافة الكل الإفرادي إليه فعلى هذا يجب أن يكون من نكرة موصوفة إذ لو كانت موصولة، وهي معرفة لكان كل لشمول الأجزاء بمعنى كل الرجال الذين يدخلون هذا الحصن أولا فلهم كذا فيجب أن يكون للمجموع نفل واحد، وفي هذا الفرق نظر، وهو أنه يقتضي في صورة الدخول فرادى أن يستحق النفل كل واحد منهم غير الأخير لدخوله تحت عموم هذا المجاز أعني السابق بالنسبة إلى المتخلف، وليس كذلك لتصريحهم بأن النفل للأول خاصة، ويمكن الجواب بأن قيد عده المسبوقية بالغير مراد فلا يصدق إلا على الأول خاصة، ومما يجب التنبه له أن أولا هاهنا ظرف بمعنى قبل، وليس من أوصاف الداخلين فكان المراد من قولهم الأول اسم للفرد السابق أن الداخل أولا مثلا اسم لذلك.
قوله: "فإن قال جميع من دخل هذا الحصن أولا" اعلم أن المشروط له النفل في مسائل تقييد دخول الحصن بقيد الأولية إما أن يكون مذكورا بمجرد لفظ من أو مع إضافة الكل أو الجميع إليه، وعلى التقادير الثلاث إما أن يكون الداخل أولا واحدا أو متعددا معا أو على سبيل التعاقب يصير تسعة فإن كان الداخل واحدا فقط فله كمال النفل في الصور الثلاث أما في من دخل، وكل من دخل فظاهر. وأما في جميع من دخل فلأن هذا التنفيل للتشجيع، وإظهار الجلادة فلما استحقه الجماعة بالدخول أولا قالوا حد أولى لأن الجلادة في ذلك أقوى، وإن كان الداخل متعددا فإن دخلوا معا فلا شيء لهم في صورة من دخل، ولكل واحد نفل تام في صورة كل من دخل، وللمجموع نفل واحد في صورة جميع من دخل لأن لفظ جميع للإحاطة على صفة الاجتماع فالعشرة كشخص واحد سابق بالدخول على سائر الناس بخلاف كل فإن عمومه على سبيل الانفراد كما مر، وإن دخلوا على سبيل التعاقب فالنفل للأول منهم في الصور الثلاث أما في من، وكل فظاهر. وأما في الجميع فلأنه يجعل مستعار الكل لقيام الدليل على استحقاق الواحد، وهو أن الجلادة في دخوله، وحده أقوى فهو بالنفل أحرى كذا ذكره فخر الإسلام، واعترض عليه بأن في ذلك جمعا بين الحقيقة، والمجاز لأنهم لو دخلوا معا استحقوا النفل عملا بعموم الجميع، ولو دخلوا فرادى استحقه الأول منهم عملا بمجازه كما إذا لم يدخل إلا واحد، وأجيب بأنهم إن دخلوا معا يحمل على الحقيقة، وإن دخلوا فرادى أو دخل واحد فقط يحمل على المجاز.
Halaman 110