Terbitan Matahari atas Alfiyah
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genre-genre
الهوى إن هو إلا وحي يوحى } (البقرة: 243)، احتج المانعون من وقوعه في الأحكام دون الحروب بأنه لو وقع في شيء من الأحكام لجازت مراجعته فيه وترجيح غير رأيه كما كان يقع من أصحابه في اجتهاده في الحروب فإنه يرى الرأي ولا يرونه فيراجعونه فيرجع كحديث محطته في موضع يوم بدر عن رأيه فروجع فانتقل وكذلك في صلح يوم الأحزاب حتى هم أن يصالحهم على ثلث ثمار المدينة فروجع في ذلك فرجع وقد راجعوه في صلح يوم الحديبية حتى أخبرهم أنه وحي، ونحو ذلك كثير وأجيب بأن اجتهاداته في الأحكام الشرعية يخالف اجتهاداته في الآراء والحروب؛ لأنها تأدية أحكام فلم تجز مخالفته فيها ولأنه في تأدية الأحكام معصوم عن الخطأ وإلا لم نثق بشيء منها بخلاف الآراء والحروب فليست بهذه المنزلة، قال صاحب المنهاج: "ولنا أن نقول إنما لم يراجعوه في الاجتهادات الدينية وإنما راجعوه في الاجتهادات الدنيوية لمعرفتهم أنه أعرف منهم بأحكام دينهم إذ لم يأخذوا الدين إلا عنه فلا سبيل له إلى المعارضة لنظره فيها لجهلهم الشرائع أصولها وفروعها إلا ما كان من جهته بخلاف الأحكام الدنيوية فلهم المجال الواسع في النظر فيها لتقدم خبرتهم وتجربتهم بل ربما كان أحده فيها أقوى نظرا من الأنبياء لممارستهم إياها واشتغالهم بها وتمكنهم من معرفة ما يبتنى عليه النظر فيها من خبرة وتجربة ونحو ذلك"، أقول والمختار من هذه المذاهب كلها جواز تعبده - صلى الله عليه وسلم - بالاجتهاد مطلقا في الأحكام الدينية والآراء السياسية لكنه لم يقع منه - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام الدينية وإنما وقع منه في الأحكام السياسية في حروب الأعداء بمعنى أنه لم ينقل إلينا وقوع ذلك إلا في الحروب والمختار أيضا أنه عليه الصلاة والسلام ينتظر في الحادثة الوحي الظاهر فإذا جاءه فيها أمر من ربه عمل به وإن مضت المدة التي تعود فيها نزول الوحي
اجتهد في تلك الحادثة برأيه فعمل بما يراه أقرب إلى الصواب واعلم أن المجوزين لتعبده - صلى الله عليه وسلم - بالاجتهاد اختلفوا في خطئه فيه فجوزه بعضهم لقوله تعالى: { عفا الله عنك لم أذنت لهم } (التوبة: 243)، وقوله: { ما كان لنبي أن يكون له أسرى } الآية (الأنفال: 67)، حتى قال - صلى الله عليه وسلم - : "لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه إلا غير عمر"؛ لأنه أشار بقتلهم ومنعه آخرون؛ لأمرين أحدهما أن الأمة معصومة عن الخطأ في اجتهادها فالرسول أولى بالعصمة منهم، وثانيها أن الشك في إصابته منفر عن قبول قوله فينتقض الغرض بالبعثة، وأجيب عن الأول بأنه دليل العصمة من الخطأ في الاجتهاد موجود في حق الأمة دون حقه عليه الصلاة والسلام ولا يلزم من ذلك سقوط رتبته عن رتبتها إذ لم يجب اتباع الأمة إلا امتثالا لأمره فمرتبته أعلى، أقول: وفي تجويز خطئه - صلى الله عليه وسلم - نظر؛ لأنا إذا قلنا بصحة تعبده بالاجتهاد وإن الاجتهاد منه وحي يوحى، فثبوت خطئه في ذلك بعيد جدا.
Halaman 5