Terbitan Matahari atas Alfiyah
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genre-genre
فخرج بالقيد الأول المباح في الأصل، ثم طرأ عليه حكم شرعي، كإيجاب الصلاة والزكاة والصيام ونحوها، فإن هذه الأشياء كانت قبل ورود الشرع مباحا، فلا يسمى إيجابها نسخا لإباحة تركها، لأن إباحة تركها إنما هو بالإباحة الأصلية، والإباحة الأصلية ليس بحكم شرعي. وخرج بالقيد الثاني - وهو قولنا بعد ثبوته - التخصيص المتصل، فإنه يرد قبل ثبوت الحكم واستقراره. وخرج بالقيد الآخر رفع الحكم بسبب العوارض العارضة على الأهلية، كالحيض والسكر والجنون والمرض والموت.
وللعلماء في تعريف النسخ طرق كثيرة منها مقبول ومنها مردود، فلا حاجة إلى ذكرها؛ لأن الغرض من تعريف الشيء إيضاح حقيقته، وكشف ماهيته، فإذا حصل تصور ذلك في ذهن السامع كان كافيا، فلنرجع الآن إلى بيان حكم النسخ، ثم إلى بيان محله وشروطه وأنواعه، وقال:
ولا خلاف في جوازه وقد ... صح وقوعه بنقل وسند
اعلم أن النسخ جائز عند جميع أهل الملل الإسلامية وغيرها، لا خلاف بينهم في جوازه عقلا ونقلا، خلافا لأكثر اليهود وبعض من لا يعبأ بخلافه من الإسلاميين، على ما سيأتي بيان ذلك قريبا إن شاء الله تعالى.
واحتج المتفقون على جوازه بالعقل والنقل.
* أما العقل: فلأن النسخ فعل من أفعال الله تعالى، وإذا كان فعلا من أفعال الله تعالى، فأما أن تعتبر فيها المصالح العبادية تفضلا على ما عليه الجمهور، أو لم تعتبر فإن فجوازه ظاهر؛ لأنه فاعل مختار يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ولا يسأل عما يفعل، وإن اعتبرت المصالح تفضلا؛ فجوازه ظاهر؛ لأنه فاعل مختار يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا يسأل عما يفعل، وإن اعتبرت المصالح تفضلا، فجوازه ظاهر لجواز اختلاف المصالح باختلاف الأوقات والأزمان؛ فيجوز أن تكون المصلحة في مشروعية الحكم المنسوخ في زمان، ثم يكون مفسدة بعد الزمان، والله عالم به لأنه عليم خبير قدير، لا يغيب عنه شيء، وإن كنا لم نعلمه نحن فينسخه لما علمه من المصلحة، كاستعمال الطبيب الحاذق الأدوية بحسب الأمزجة والأزمان لعلمه وحذاقته، ففي ذلك حكمة بالغة لا نعرفها لا بداء ولا جهل.
Halaman 270