Terbitan Matahari atas Alfiyah
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genre-genre
من حروف الجر: الباء، وهي موضوعة للإلصاق الذي هو تعليق الشيء بالشيء وإيصاله إليه، وهو على نوعين: حقيقي إن كان مفضيا إلى نفس المجرور، كأمسكت بزيد، إذا قبضت على شيء من جسمه أو ثوبه الذي ببدنه، ومجازيك إن أفضى إلى ما يقرب من المجرور، كمررت بزيد، فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الباء قد تدخل على الآلة، نحو: مسحت الحائط بيدي، فتكون لاستيعاب المحل، لا الآلة، وقد تدخل على المحل، كما في قولك: مسحت يدي بالحائط؛ فتكون لاستيعاب الآلة لا المحل، ومنه قوله تعالى: { وامسحوا برؤوسكم } (المائدة: 6)، فلا يجب استيعاب الرأس بالمسح في الوضوء عند جمهورنا وعند الحنفية لهذه الآية، وذهب الشافعي إلى أن المفروض فيه أقل ما يطلق عليه المسح، ولو شعرة؛ لإطلاق قوله تعالى: { وامسحوا برؤوسكم } (المائدة: 6)، والمطلق يسقط بأدنى ما يصدق عليه اسمه، ورد بأنه لو كان كذلك لفعله عليه الصلاة والسلام ولو مرة في العمر لإسقاط الواجب، لكنه لم يمسح ما دون الناصية قطعا، وليس في الشرع واجب أو جائز لم يبينه الشارع بفعل أو بتعليم، بل الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - دائما مسح ربع الرأس مرة واستيعابه أخرى، كذا قيل، وأيضا لا يمكن المسح على شعرة إلا بالزيادة عليها، وما لا يمكن الواجب إلا به فهو واجب، فالزيادة واجبة، وذهب مالك إلى ان المفروض في مسح الرأس الاستيعاب مستدلا بأن الآية مجملة بينها حديث عبد الله بن زيد أنه عليه الصلاة والسلام توضأ ومسح رأسه واستوعب، والقياس على آية التيمم، وهي قوله تعالى: { فامسحوا بوجوهكم } (النساء: 43). ورد بأن الحديث محمول على الاستحباب جمعا بين الدليلين، والقياس ليس بشيء، إذ لا قياس بين الأصل والبدل، فإن قيل: لا يجوز ان تكون الباء للتبعيض، كما روي عن الشافعي، فيفيد جواز الأقل من الربع، أو زائدة كما روي عن مالك؛ فيكون المعنى: وامسحوا رؤسكم؛ فيفيد الاستيعاب.
أجيب عن الأول: بأن جعله للتبعيض يفضي إلى الترادف والاشتراك، أما الترادف فبكلمة من لأنها موضوعة للتبعيض، وأما الاشتراك؛ فلأنها موضوعة للإلصاق، فلو كانت حقيقة في التبعيض أيضا لزم الاشتراك؛ وكلاهما غير ثابت في الباء لغة.
Halaman 237