ومزيد فيه، بدأ بالمجرد لأنه الأصل أيضًا، ولما كان المجرد ينقسم إلى ثلاثي، ورباعي، وخماسي بدأ بالثلاثي لأنه الأخف، والأكثر استعمالًا. أما أنه أخف فلأنه على العدة التي تقضيها حكمة الوضع، ألا ترى أن الحرف الأول للابتداء، ولا يكون إلا متحركًا، والأخير للوقف، ويسكن فيه ويتحرك في الوصل، والحرف الثاني للفصل بينهما لئلا يلي الابتداء الوقف لأن المتجاورين كالشيء الواحد، والابتداء والوقف متضادان ففصل بينهما، ولهذا لم يجز البصريون ترخيمه مطلقًا، وأجاز الكوفيون ترخيمه إذا كان متحرك الوسط. وها هنا تنبيه؛ وهو أنه ليس المراد بالاعتدال قلة الحروف إذا يلزم من ذلك أن يكون الأخف نحو: من، وكم، ولا يقال ذلك، بل المراد بذلك ما قدمنا. وأما أنه أكثر استعمالًا فلكثرة أخويه، ومن يتأمل كلامهم عرف صحة ذلك. واعلم أن التقسيم يقتضي أن يكون أبنية الثلاثي عشر بناء؛ وبيانه أن الفاء إما أن تكون مفتوحة، أو مضمومة، أو مكسورة، والعين كذلك، وتزيد عليها بالسكون، وثلاثة في أربعة اثنا عشر.
1 / 24