98

Sharh Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Penerbit

الشركة الشرقية للإعلانات

Tahun Penerbitan

1390 AH

Genre-genre

Fiqh Hanafi
لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَعَ فِي أَيْدِيهِمْ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ، فَعَوَّضَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَوْقَ هَدِيَّتِهِ، فَجَعَلَ يَطْلُبُ الزِّيَادَةَ حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي خُطْبَتِهِ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَهْدُونَ مَا نَعْرِفُهُ أَنَّهُ لَنَا. ثُمَّ لَا يَرْضَوْنَ بِالْمُكَافَأَةِ بِالْمِثْلِ» . وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبَلْ هَدِيَّةَ عَامِرٍ لِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَجَارَ سَبْعِينَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَتَلَهُمْ قَوْمُهُ، وَهُمْ أَصْحَابُ بِئْرِ مَعُونَةَ. وَفِي هَذَا قِصَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، فَلِهَذَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَدِيَّتَهُ.
- ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: يُكْرَهُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَنْ يَقْبَلَ هَدَايَاهُمْ. فَإِنْ قَبِلَهَا فَلْيَجْعَلْهَا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
وَتَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ. فَقِيلَ: هَذَا لَيْسَ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ، وَلَكِنَّ مُرَادَهُ التَّنْزِيهُ، لِأَنَّهُ إذَا قَبِلَ هَدَايَاهُمْ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَتَأَلَّفَهُمْ، عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «الْهَدِيَّةُ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ» . وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: ١٢٣] . وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا عَلَى أَنْ يَخْتَصَّ بِهَا، وَلَكِنَّهُ يَقْبَلُهَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَهَا فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُمْ أَهْدَوْا إلَيْهِ لِمَنَعَتِهِ، وَمَنَعَتُهُ بِالْمُسْلِمِينَ لَا بِنَفْسِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَهْدَوْا إلَى قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَهْدَوْا إلَى مُبَارِزٍ، فَإِنَّ عِزَّتَهُ بِقُوَّةٍ فِي نَفْسِهِ فَتُسَلَّمُ لَهُ الْهَدِيَّةُ.

1 / 98