Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Penerbit
الشركة الشرقية للإعلانات
Tahun Penerbitan
1390 AH
Genre-genre
Fiqh Hanafi
أَوْ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْأَوْقَاتِ فِي الْفَضِيلَةِ، وَبَيَانُهُ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ مَكْحُولٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ مِائَةِ سَنَةٍ صِيَامِ نَهَارِهَا وَقِيَامِ لَيْلهَا. وَلَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِ سَنَةٍ صِيَامِ نَهَارِهَا وَقِيَامِ لَيْلِهَا. وَمَنْ قُتِلَ مُجَاهِدًا وَمَاتَ مُرَابِطًا فَحَرَامٌ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لَحْمَهُ وَدَمَهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَحَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَزَوْجَتَهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، وَحَتَّى يُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَيُجْرَى لَهُ أَجْرُ الرِّبَاطِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَفِي قَوْلِهِ: «أُجِيرَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ» دَلِيلٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ حَقٌّ، فَإِنَّ الْفِتْنَةَ هُنَا بِمَعْنَى الْعَذَابِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾ [الذاريات: ١٤] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [البروج: ١٠] أَيْ عَذَّبُوا. وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ الِاخْتِبَارُ. يَقُولُ الرَّجُلُ: فَتَنْت الذَّهَبَ إذَا أَدْخَلَهُ النَّارَ لِيَخْتَبِرَهُ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ٢] (١٤ ب) أَيْ لَا يُبْتَلَوْنَ. وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ [طه: ٤٠] وقَوْله تَعَالَى: ﴿إنْ هِيَ إلَّا فِتْنَتُك﴾ [الأعراف: ١٥٥] بِمَعْنَى الِابْتِلَاءِ أَيْضًا. وَمِنْهُ يُقَالُ: فَتَّانَا الْقَبْرِ؛ لِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، فَإِنَّهُمَا يَخْتَبِرَانِ صَاحِبَ الْقَبْرِ بِالسُّؤَالِ عَنْ إيمَانِهِ.
وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ: «أُجِيرَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ» أَيْ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ. فَكُلُّ أَحَدٍ
1 / 8