58

Sharh Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Penerbit

الشركة الشرقية للإعلانات

Tahun Penerbitan

1390 AH

Genre-genre

Fiqh Hanafi
ثُمَّ بَيَّنَ مُحَمَّدٍ ﵀ تَفْسِيرَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَإِنْ أَرَادُوا إظْهَارَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلْيَفْعَلُوهُ خَارِجًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ. يَعْنِي فِي الْقُرَى، لِأَنَّ الْمِصْرَ مَوْضِعُ أَعْلَامِ الدِّينِ فَفِي إظْهَارِ ذَلِكَ فِيهَا اسْتِخْفَافٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ يَنْعَدِمُ فِي الْقُرَى. فَأَهْلُ الْقُرَى كَمَا وَصَفَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ فَقَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْكُفُورِ، هُمْ أَهْلُ الْقُبُورِ» . يُشِيرُ إلَى جَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ تَعَاهُدِهِمْ لِأَمْرِ الدِّينِ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ ﵀ (٢٧ آ): وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْجَوَابِ قُرَى الْكُوفَةِ، فَإِنَّ عَامَّةَ أَهْلِهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالرَّوَافِضُ. فَأَمَّا فِي دِيَارِنَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ ذَلِكَ فِي الْقُرَى الَّتِي يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ كَمَا يُمْنَعُونَ فِي الْأَمْصَارِ، فَإِنَّ الْقُرَى فِي دِيَارِنَا لَا تَخْلُو عَنْ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ، وَعَنْ وَاعِظٍ يَعِظُهُمْ عَادَةً، وَذَلِكَ مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ أَيْضًا. ٤٢ - وَذُكِرَ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: إذَا كَثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ، وَلَا تَسُلُّوا السُّيُوفَ حَتَّى تَغْشَوْهُمْ» . وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " كَثَبُوكُمْ " قَرُبُوا مِنْكُمْ وَازْدَحَمُوا عَلَيْكُمْ. وَهُوَ أَدَبٌ حَسَنٌ. أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَدْفَعُوا الْعَدُوَّ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِالرَّمْيِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. وَهَذَا حِينَ كَانَ نَهَاهُمْ عَنْ الْقِتَالِ، عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُ حِينَ دَخَلَ الْعَرِيشَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ ﵁ لِلْمُنَاجَاةِ نَهَى النَّاسَ عَنْ الْقِتَالِ وَقَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ.

1 / 58