31

Sharh Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Penerbit

الشركة الشرقية للإعلانات

Tahun Penerbitan

1390 AH

Genre-genre

Fiqh Hanafi
وَقَوْلُهُ: " الْمَائِدُ فِيهِ " يَعْنِي الْمَائِلُ لِمِيلِ السَّفِينَةِ عَنْ تَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ، فَهَذَا كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ بَعْدَ مَا اُسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لِأَنَّهُ مُعَايِنٌ سَبَبَ الْهَلَاكِ، آيِسٌ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. وَالْغَرِيقُ فِيهِ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدَيْنِ. لِأَنَّهُ بَاذِلٌ نَفْسَهُ مَرَّتَيْنِ: حِينَ رَكِبَ السَّفِينَةَ وَحِينَ غَرِقَتْ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْهُ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ. وَالصَّابِرُ فِيهِ كَالْمَلِكِ عَلَى رَأْسَهُ التَّاجُ: يَعْنِي إذَا لَمْ يَنْدَمْ عَلَى مَا صَنَعَ مَعَ مَا عَايَنَ مِنْ سَبَبِ الْغَرَقِ، فَقَدْ تَحَقَّقَ فِيهِ تَسْلِيمُ النَّفْسِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَالْمَلِكِ، وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِالْمَلِكِ لِأَنَّ الْمَلِكَ يَنَالُ بَعْضَ شَهَوَاتِهِ وَالشَّهِيدَ فِي الْجَنَّةِ يَنَالُ كُلَّ شَهَوَاتِهِ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ [الزخرف: ٧١] . وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ رُكُوبِ السَّفِينَةِ لِلْجِهَادِ ثَبَتَ جَوَازُ رُكُوبِهَا لِلْحَجِّ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ فَرِيضَةَ الْحَجِّ أَقْوَى. وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِرُكُوبِهَا عَلَى قَصْدِ التِّجَارَةِ إذَا كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَلْزَمُهُ فِيمَا يَسْتَفِيدُ مِنْ الْمَالِ. ٢٦ - قَالَ: وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا «عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: غَزَوْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي وَلَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ الصَّائِفَةَ - وَالصَّائِفَةُ اسْمٌ لِلْجَيْشِ الْعَظِيمِ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي الصَّيْفِ، ثُمَّ يَغْزُونَ إذَا دَخَلَ الْخَرِيفُ وَطَابَ الْهَوَاءُ - قَالَ: فَنَزَلْنَا عَلَى حِصْنِ سِنَانٍ، فَضَيَّقَ

1 / 31