20

Sharh Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Penerbit

الشركة الشرقية للإعلانات

Tahun Penerbitan

1390 AH

Genre-genre

Fiqh Hanafi
يَعْنِي إذَا اشْتَغَلُوا بِالزِّرَاعَةِ وَأَعْرَضُوا عَنْ الْجِهَادِ أَصْلًا نُزِعَ مِنْهُمْ النَّصْرُ. فَأَمَّا إذَا اشْتَغَلَ الْبَعْضُ بِالزِّرَاعَةِ وَالْبَعْضُ بِالْجِهَادِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَتَقَوَّى الْمُقَاتِلُ بِمَا يَكْتَسِبُهُ الزَّارِعُ وَيَأْمَنَ الزَّارِعُ [بِمَا] يَذُبُّ الْمُقَاتِلُ عَنْهُ. قَالَ ﵇: «الْمُؤْمِنُونَ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» . وَهَذَا لِأَنَّ الْكُلَّ إذَا اشْتَغَلُوا بِالْجِهَادِ لَا يَتَفَرَّغُونَ لِلْكَسْبِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى مَا يَأْكُلُونَ وَيَعْلِفُونَ دَوَابَّهُمْ، فَلَا يَجِدُونَ فَيَعْجِزُونَ عَنْ الْجِهَادِ، فَيَعُودُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْصِ. ثُمَّ فَهِمُوا مِنْ مَعْنَى الْآيَةِ التَّعَرُّبَ. وَهُوَ الْمُقَامُ بِالْبَادِيَةِ وَتَرْكُ الْهِجْرَةِ لِلْقِتَالِ. وَكَأَنَّهُمْ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ [التوبة: ٩٧] فَبَيَّنَ لَهُمْ عَلِيٌّ ﵁ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْجِهَادِ بِالِاشْتِغَالِ بِالزِّرَاعَةِ، وَأَيَّدَ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: ١٤٩] وَهَذَا لِأَنَّ طَاعَةَ الْكُفَّارِ فِيمَا يَطْلُبُونَ مِنَّا، وَهُمْ يَطْلُبُونَ مِنَّا الْإِعْرَاضَ عَنْ الْجِهَادِ لَا نَفْسَ الزِّرَاعَةِ. ١٣ - وَذَكَرَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ «أَنَّ رَجُلًا وَضَعَ قَرْنًا لَهُ، أَيْ جَعْبَةً، وَقَامَ يُصَلِّي. فَاحْتَمَلَ رَجُلٌ قَرْنَهُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ نَظَرَ فَلَمْ يَرَ قَرْنَهُ، فَأَفْزَعَهُ ذَلِكَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» . مِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي: فَاحْتَلَّ، أَيْ حَلَّهُ لِيُخْرِجَ بَعْضَ مَا فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ

1 / 20