Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Penerbit
الشركة الشرقية للإعلانات
Tahun Penerbitan
1390 AH
Genre-genre
Fiqh Hanafi
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد: ٧] . وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّهُمْ إذَا اشْتَغَلُوا بِالدُّنْيَا وَاتَّبَعُوا اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَأَعْرَضُوا عَنْ الْجِهَادِ يَظْفَرُ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " كَانُوا قَمِنًا " أَيْ خَلِيقًا وَجَدِيرًا. ثُمَّ كَنَّى عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ بِأَنْ يَصْبُغُوا الشَّعْرَ، يُرِيدُ بِهِ () الْخِضَابَ لِتَرْغِيبِ النِّسَاءِ فِيهِمْ. فَأَمَّا نَفْسُ الْخِضَابِ فَغَيْرُ مَذْمُومٍ بَلْ هُوَ مِنْ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ قَالَ ﵇: «غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» . وَقَالَ الرَّاوِي: رَأَيْت أَبَا بَكْرٍ ﵁ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهَا ضِرَامُ عَرْفَجٍ، بِنَصْبِ الْعَيْنِ وَرَفْعِهِ مَرْوِيَّانِ. يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْغُزَاةِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْأَعْدَاءِ كَانَ ذَلِكَ مَحْمُودًا مِنْهُ. فَأَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: كَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي يُعْجِبُهَا أَنْ أَتَزَيَّنَ لَهَا.
وَقَوْلُهُ: " وَيَلْبَسُوا الْمُعَصْفَرَ "، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لُبْسَ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ مَكْرُوهٌ. وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ، وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ. وَقَالَ ﵇: إيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا زِيُّ الشَّيْطَانِ» . وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ: «رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيَّ مِلْحَفَةٌ حَمْرَاءُ فَأَعْرَضَ عَنِّي بِوَجْهِهِ، فَذَهَبْت وَأَحْرَقْتهَا، ثُمَّ رَآنِي فَقَالَ: مَا فَعَلْت بِالْمِلْحَفَةِ؟ قُلْت: أَحْرَقْتهَا حِينَ
1 / 14