شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي

Abdul Aziz bin Abdullah Al Rajhi d. Unknown
108

شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي

شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي

Genre-genre

شرح حديث: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن الوضوء من الماء الدائم الذي قد بيل فيه والنهي عن الشرب منه بذكر لفظ عام مراده خاص. أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا أنس بن عياض عن الحارث - وهو ابن أبي ذباب عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب)]. وهذا الحديث ثابت، وفيه: النهي عن البول في الماء الدائم ولو كان كثيرًا؛ لأنه إذا بال فيه يقذره على غيره؛ ولأنه إذا بال هذا وبال هذا صار وسيلة لتنجيسه، لكنه لا ينجس إذا كان كثيرًا إلا إذا تغير، أما إذا كان قليلًا في الأواني فإنه يراق كما جاء في بعض ألفاظ حديث ولوغ الكلب، وذهب الجمهور إلى أنه إذا كان أقل من قلتين فإنه ينجس بمجرد الملاقاة عملًا بحديث القلتين: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، وإن كان أكثر من قلتين فلا ينجس إلا بالتغير، والصواب: أنه لا ينجس مطلقًا إلا بالتغير؛ لحديث أبي سعيد: (الماء طهور لا ينجسه شيء)؛ فإن هذا يقضي على مفهوم حديث القلتين. وإذا كان الماء الراكد مستبحرًا فلا ينجس، ولكن يأثم الإنسان بالبول فيه، أما إذا كان يجري فلا بأس. وحديث بئر بضاعة فيه: أنه كانت تلقى فيه بعض النجاسات، ولم يكونوا يتعمدون إلقاءها، بل كانت تلقيها الريح، وهو ماء كثير ولم يتغير؛ ولذا قال: (الماء طهور لا ينجسه شيء) يعني: إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه. وقوله: (أو يشرب)، ليست في الصحيحين، والذي في الصحيحين: (ثم يغتسل منه)، قال في الحاشية: رواه البخاري ومسلم من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة ﵁، وفيه: (ثم يغتسل منه)، وفي الأصل: (لا يبولن به أحدكم). لكن هنا في هذا اللفظ: (ثم يتوضأ ويشرب منه) ولا شك أن البول في الماء الراكد محرم؛ لأنه يقذره على غيره، وإذا بال فيه فليس له أن يغتسل منه؛ لأنه منهي عن الاغتسال منه.

6 / 21