136

Sharh Riyadh as-Salihin

شرح رياض الصالحين

Genre-genre

Sains Hadis
حكم الجهاد بغير إذن الوالدين
قال الإمام النووي ﵀: [باب بر الوالدين وصلة الأرحام.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: (أقبل رجلٌ إلى نبي الله ﷺ، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى.
فقال ﷺ: فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم، بل كلاهما.
قال: فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ قال: نعم.
قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما).
وفي رواية: قال النبي ﷺ: (أحيٌّ والداك؟ قال: نعم.
قال: ففيهما فجاهد).
وعنه - أيضًا - أن النبي ﷺ قال: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري.
وقطعت بفتح القاف والطاء، ورحم مرفوع].
المسلم مأمور بأن يبر والديه، قال الله ﷿: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة:٨٣]، وكذلك ذوي القربى.
ومن الأحاديث الواردة في بر الوالدين حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: أقبل رجلَّ إلى النبي ﷺ ليبايع على الهجرة والجهاد يبتغي الأجر من الله سبحانه ﵎، فسأله النبي ﷺ: (أحي والداك فقال: نعم.
وفي حديث آخر أن الرجل قال للنبي ﷺ: ولقد تركتهما يبكيان).
يعني أنه أتى ليجاهد في سبيل الله ﷿ وترك أباه وأمه يبكيان بسبب خروجه خائفين عليه من أن يقتل، وكأنَّه أتى يسأل وكان الجهاد غير متعين، أما إذا تعين الجهاد فإن إذن الوالدين مستحب فقط، ولو رفضا لا ينتظر إذنهما، بل يخرج ليجاهد في سبيل الله ﷿.
والذي وقع هنا أن الجهاد كان فرضًا كفائيًا، وكان ﷺ يبعث البعوث، فهذا أحب يشترك في بعث ولم يأمره النبي ﷺ، فلذلك سأله: أحيٌّ والداك؟ فقال: نعم.
وأخبر أنه تركهما يبكيان، فقال: ارجع إليهما ففيهما فجاهد.
وفي الحديث الآخر قال ﷺ: (ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) أي: إن أبكيتهما بالخروج فأرجع فاضحك والديك كما أبكيتهما.
وفيه أنه ينبغي للإنسان أن لا يؤذي والديه فيستأذنهما فيما كان مستحبًا، كأن يخرج لجهاد تطوع، أو لحجة تطوع أو لعمرة تطوع، والأب والأم يحتاجان إلى بقائه، وفي هذا الحديث قال له: (فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ قال: نعم.
قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما).
فليس المقصود الرجوع ليقعد معهما، بل المقصود حسن صحبتهما، بحيث يبقى المسلم مع أبيه ومع أمه يحسن الصحبة بالمعروف، ولو كان الوالدان كافرين فإن ربنا تعالى يقول: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان:١٥].
فلو جاهداك وأمراك بالكفر بالله ﷿ والشرك بالله فلا تطعهما في ذلك، ولكن مع ذلك أحسن إليهما وصاحبهما بالمعروف.

14 / 3