Syarh Nahjul Balaghah
شرح نهج البلاغة
Penyiasat
محمد عبد الكريم النمري
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1418 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
ومات أبو بكر وأبو قحافة حي ، فسمع الأصوات فسأل ، فقيل : مات ابنك ، فقال : رزء جليل . وتوفي أبو قحافة في أيام عمر في سنة أربع عشرة للهجرة ، وعمره سبع وتسعون سنة ، وهي السنة التي توفي فيها نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم .
إن قيل : بينوا لنا ما عندكم في هذا الكلام ؟ أليس صريحه دالا على تظليم القوم ونسبتهم إلى اغتصاب الأمر ! فما قولكم في ذلك ؟ إن حكمتم عليهم بذلك فقد طعنتم فيه . وإن لم تحكموا عليهم بذلك فقد طعنتم في المتظلم المتكلم عليهم ! قيل : أما الإمامية من الشيعة فتجري هذه الألفاظ على ظواهرها ، وتذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أمير المؤمنين عليه السلام ، وأنه غصب حقه . وأما أصحابنا رحمهم الله ، فلهم أن يقولوا : إنه لما كان أمير المؤمنين عليه السلام هو الأفضل والأحق ، وعدل عنه إلى من لا يساويه في فضل ، ولا يوازيه في جهاد وعلم ، ولا يماثله في سؤدد وشرف - ساغ إطلاق هذه الألفاظ ، وإن كان من وسم بالخلافة قبله عدلا تقيا ، وكانت بيعته بيعة صحيحة ، ألا ترى أن البلد قد يكون فيه فقيهان ؛ أحدهما أعلم من الآخر بطبقات كثيرة ، فيجعل السلطان الأنقص علما منهما قاضيا ، فيتوجد الأعلم ويتألم ، وينفث أحيانا بالشكوى ، ولا يكون ذلك طعنا في القاضي ولا تفسيقا له ، ولا حكما منه بأنه غير صالح ، بل للعدول عن الأحق والأولى ! وهذا أمر مركوز في طباع البشر ، ومجبول في أصل الغريزة والفطرة ، فأصحابنا رحمهم الله ، لما أحسنوا الظن بالصحابة - وحملوا ما وقع منهم على وجه الصواب ، وأنهم نظروا إلى مصلحة الإسلام ، وخافوا فتنة لا تقتصر على ذهاب الخلافة فقط ، بل وتفضي إلى ذهاب النبوة والملة ، فعدلوا عن الأفضل الأشرف الأحق ، إلى فاضل آخر دونه ، فعقدوا له - احتاجوا إلى تأويل هذه الألفاظ الصادرة عمن يعتقدونه في الجلالة والرفعة قريبا من منزلة النبوة ، فتأولوها بهذا التأويل ، وحملوها على التألم للعدول عن الأولى .
وليس هذا بأبعد من تأويل الإمامية قوله تعالى : ' وعصى آدم ربه فغوى ' ، وقولهم معنى عصى ، أنه عدل عن الأولى ، لأن الأمر بترك أكل الشجرة كان أمرا على سبيل الندب ، فلما تركه آدم ، كان تاركا للأفضل والأولى ، فسمي عاصيا باعتبار مخالفة الأولى ، وحملوا غوى على خاب لا على الغواية بمعنى الضلال . ومعلوم أن تأويل كلام أمير المؤمنين عليه السلام وحمله على أنه شكا من تركهم الأولى أحسن من حمل قوله تعالى : ' وعصى آدم ' على أنه ترك الأولى .
Halaman 99