308

Syarh Nahjul Balaghah

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1418 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

وقوله : حتى ارتاب الناصح بنصحه وضن الزند بقدحه ، يشير إلى نفسه ؛ يقول : خالفتموني حتى ظننت أن النصح الذي نصحتكم به غير نصح ، لإطباقكم وإجماعكم على خلافي ، وهذا حق ، لأن ذا الرأي الصواب إذا كثر مخالفوه يشك في نفسه .

وأما ضن الزند بقدحه ، فمعناه أنه لم يقدح لي بعد ذلك رأي صالح ، لشدة ما لقيت منكم من الإباء والخلاف والعصيان ، وهذا أيضا حق ، لأن المشير الناصح إذا اتهم واستغش عمي قلبه وفسد رأيه .

وأخو هوازن صاحب الشعر هو دريد بن الصمة ، والآبيات مذكورة في الحماسة ، وأولها :

نصحت لعارض وأصحاب عارض . . . ورهط بني السوداء والقوم شهدي

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج . . . سراتهم في الفارسي المسرد

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى . . . فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

فلما عصوني كنت منهم وقد أرى . . . غوايتهم وأنني غير مهتد

وما أنا إلا من غزية إن غوت . . . غويت وإن ترشد غزية أرشد

وهذه الألفاظ من خطبة خطب بها عليه السلام بعد خديعة ابن العاص لأبي موسى وافتراقهما ، وقبل وقعة النهروان .

التحكيم وظهور الخوارج

ويجب أن نذكر في هذا الفصل أمر التحكيم ، كيف كان ، وما الذي دعا إليه ! فنقول : إن الذي دعا إليه طلب أهل الشام له ، واعتصامهم به من سيوف أهل العراق ؛ فقد كانت إمارات القهر والغلبة لاحت ، ودلائل النصر والظفر وضحت ، فعدل أهل الشام عن القراع إلى الخداع ، وكان ذلك برأي عمرو بن العاص ، وهذه الحال وقعت عقيب ليلة الهرير ، وهي الليلة العظيمة التي يضرب بها المثل .

ونحن نذكر ما أورده نصر بن مزاحم في كتاب صفين في هذا المعنى ، فهو ثقة ثبت ، صحيح النقل ، غير منسوب إلى هوى ولا إدغال ، وهو من رجال أصحاب الحديث . قال نصر : حدثنا عمرو بن شمر ، قال : حدثني أبو ضرار ، قال : حدثني عمرو بن ربيعة ، قال : غلس علي عليه السلام بالناس صلاة الغداة يوم الثلاثاء ، عاشر شهر ربيع الأول ، سنة سبع وثلاثين ، وقيل : عاشر شهر صفر ، ثم زحف إلى أهل الشام بعسكر العراق ، والناس على راياتهم وأعلامهم ، وزحف إليهم أهل الشام ، وقد كانت الحرب أكلت الفريقين ؛ ولكنها في أهل الشام أشد نكاية ، وأعظم وقعا ، فقد ملوا الحرب ، وكرهوا القتال ، وتضعضت أركانهم .

Halaman 122