295

Syarh Nahjul Balaghah

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1418 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

وعنه صلى الله عليه وسلم : ' إن أهل الجنة الشعث الغبر ، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإذا خطبوا لم ينكحوا ، وإذا قالوا لم ينصت لهم ، حوائج أحدهم تتلجلج في صدره ، لو قسم نورهم يوم القيامة على الناس لوسعهم ' . وروي أن عمر دخل على المسجد ، فإذا بمعاذ بن جبل يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما يبكيك ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ' إن اليسير من الرياء لشرك ، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا حضروا لم يعرفوا ، قلوبهم مصابيح الهدى ، ينجون من كل غبراء مظلمة ' .

وقال ابن مسعود : كونوا ينابيع العلم ، مصابيح الهدى ، أحلاس البيوت ، سرج الليل ، جدد القلوب ، خلقان الثياب ، تعرفون عند أهل السماء ، وتخفون عند أهل الأرض .

وفي حديث أبي أمامة ، يرفعه : قال الله تعالى : ' إن أغبط أوليائي لعبد مؤمن ، خفيف الحاذ ، ذو حظ من صلاة ، وقد أحسن عبادة ربه ، وأطاعه في السر ، وكان غامضا في الناس ، لا يشار إليه بالأصابع ' .

وفي الحديث : ' السعيد من خمل صيته ، وقل تراثه ، وسهلت منيته ، وقلت بواكيه ' .

وقال الفضيل : روي لي أن الله تعالى يقول في بعض ما يمن به على عبده : ' ألم أنعم عليك ! ألم أسترك ! ألم أخمل ذكرك ! ' .

وكان الخليل بن أحمد يقول في دعائه : اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك ، واجعلني عند نفسي من أوضع خلقك ، واجعلني عند الناس من أوسط خلقك .

وقال إبراهيم بن أدهم : ما قرت عيني ليلة قط في الدنيا إلا مرة ، بت ليلة في بعض مساجد قرى الشام ، وكان بي علة البطن ، فجرني المؤذن برجلي حتى أخرجني من المسجد .

وقال الفضيل : إن قدرت على ألا تعرف ، فافعل ، وما عليك ألا تعرف ! وما عليك ألا يثنى عليك ! وما عليك أن تكون مذموما عند الناس ؛ إذا كنت محمودا عند الله تعالى ! فإن قيل : فما قولك في شهرة الأنبياء والآئمة عليه السلام ، وأكابر الفقهاء المجتهدين ؟ قيل : إن المذموم طلب الشهرة ، فأما وجودها من الله تعالى من غير تكلف من العبد ولا طلب فليس بمذموم ؛ بل لا بد من وجود إنسان يشتهر أمره ؛ فإن بطريقه ينصلح العالم ، ومثال ذلك الغرقى الذين بينهم غريق ضعيف ، الأولى به ألا يعرفه أحد منهم ، لئلا يتعلق به فيهلك ويهلكوا معه ؛ فإن كان بينهم سابح قوي مشهور بالقوة ؛ فالأولى ألا يكون مجهولا ، بل ينبغي أن يعرف ليعلقوا به ، فينجو هو ويتخلصوا من الغرق بطريقه .

Halaman 109