289

Syarh Nahjul Balaghah

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1418 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

ومثل ذلك قول معاوية لأهل الشام حيث التحق به عقيل بن أبي طالب : يا أهل الشام ، ما ظنكم برجل لم يصلح لأخيه ! . وقوله لأهل الشام : إن أبا لهب المذموم في القرآن باسمه عم علي بن أبي طالب . فارتاع أهل الشام لذلك ، وشتموا عليا ولعنوه .

ومن ذلك قول عمر يوم السقيفة : لأيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله صلى الله عليه للصلاة ! ومن ذلك قول علي عليه السلام مجيبا لمن سأله : كم بين السماء والأرض ؟ فقال : دعوة مستجابة .

وجوابه أيضا لمن قال : كم بين المشرق والمغرب ؟ فقال : مسيرة يوم للشمس .

ومن ذلك قول أبي بكر - وقد قال له عمر : أقد خالدا بمالك بن نويرة - : سيف الله فلا أغمده .

وكقوله - وقد أشير عليه أيضا بأن يقيد من بعض أمرائه - : انا أقيد من وزعة الله ! ذكر ذلك صاحب الصحاح في باب وزع .

والجوابات الإقناعية كثيرة ، ولعلها جمهور ما يتداوله الناس ، ويسكت بهم بعضهم بعضا .

ومن خطبة له عليه السلام في جور الزمان

الأصل : أيها الناس ، إنا قد أصبحنا في دهر عنود ، وزمن شديد ، يعد فيه المحسن مسيئا ، ويزداد الظالم فيه عتوا ، لا ننتفع بما علمنا ، ولا نسأل عما جهلنا ، ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا . والناس على أربعة أصناف : منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلا مهانة نفسه وكلالة حده ، ونضيض وفره .

ومنهم المصلت بسيفه ، والمعلن بشره ، والمجلب بخيله ورجله ، قد أشرط نفسه ، وأوبق دينه ؛ لحطام ينتهزه ، أو مقنب يقوده ، أو منبر يفرعه ، ولبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا ، ومما لك عند الله عوضا ! ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا ، قد طامن من شخصه ، وقارب من خطوه ، وشمر من ثوبه ، وزخرف من نفسه للأمانة ، واتخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية .

ومنهم من أبعده الله عن طلب الملك ضئولة نفسه ، وانقطاع سببه ، فقصرته الحال على حاله ، فتحلى باسم القناعة ، وتزين بلباس أهل الزهادة ، وليس من ذلك في مراح ولا مغدى .

Halaman 103