215

Syarh Nahjul Balaghah

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1418 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

وروى أحمد - وروى المبرد في الكامل صدر هذا الخبر - عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه ، فسلمت ، وسألته : كيف به ؟ فاستوى جالسا ، فقلت : لقد أصبحت بحمد الله بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى لوجع ، وجعلتم لي معشر المهاجرين شغلا مع وجعي ، وجعلت لكم عهدا مني من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ؛ والله لتتخذن ستور الحرير ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذربي ، كأن أحدكم على حسك السعدان . والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا ، وإنكم غدا لأول ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا وشمالا ، يا هادي الطريق جرت ، إنما هو البجر أو الفجر . فقال له عبد الرحمن : لا تكثر على ما بك فيهيضك ، والله ما أردت إلا خيرا ، وإن صاحبك لذو خير ؛ وما الناس إلا رجلان : رجل رأى ما رأيت ؛ فلا خلاف عليك منه ، ورجل رأى غير ذلك ، وإنما يشير عليك برأيه . فسكن وسكت هنيهة ، فقال عبد الرحمن : ما أرى بك بأسا والحمد لله ، فلا تأس على الدنيا ، فوالله إن علمناك إلا صالحا مصلحا . فقال : أما إني لا آسى إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن .

فأما الثلاث التي فعلتها وودت أني لم أكن فعلتها : فوددت أني لم أكن كشفت عن بيت فاطمة وتركته ولو أغلق على حرب ، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : عمر أو أبي عبيدة ، فكان أميرا وكنت وزيرا ، ووددت أني إذ أتيت بالفجاءة لم أكن أحرقته ، وكنت قتلته بالحديد أو أطلقته .

وأما الثلاث التي تركتها ووددت أني فعلتها : فوددت أني يوم أتيت بالأشعث كنت ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه ؛ ووددت أني حيث وجهت خالدا إلى أهل الردة أقمت بذي القصة ، فإن ظفر المسلمون وإلا كنت ردءا لهم ، ووددت حيث وجهت خالدا إلى الشام كنت وجهت عمر إلى العراق ، فأكون بسطت كلتا يدي : اليمين والشمال في سبيل الله .

وأما الثلاث اللواتي وددت أني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن : فوددت أني سألته فيمن هذا الأمر ، فكنا لا ننازعه أهله ، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب ؟ ووددت أني سألته عن ميراث العمة وابنة الأخت ، فإن في نفسي منهما حاجة .

ومن كتاب معاوية المشهور إلى علي عليه السلام : وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار ويداك في يدي إبنيك الحسن والحسين يوم بويع أبو بكر الصديق ، فلم تدع أحدا من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك ، ومشيت إليهم بامرأتك ، وادليت إليهم بابنيك ، واستنصرتهم على صاحب رسول الله ، فلم يجبك منهم إلا أربعة أو خمسة ، ولعمري لو كنت محقا لأجابوك ، ولكن ادعيت باطلا ، وقلت ما لا تعرف ، ورمت ما لا يدرك ، ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان ، لما حركك وهيجك : لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم ؛ فما يوم المسلمين منك بواحد ، ولا بغيك على الخلفاء بطريف ولا مستبدع .

Halaman 29