Syarh Nahjul Balaghah
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1418 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
فقال عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال بشير بن سعد : إنه قد لج ، وليس بمبايع لكم حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه أهله وطائفة من عشيرته ، ولا يضركم تركه ؛ إنما هو رجل واحد ، فتركوه ، وجاءت أسلم فبايعت ، فقوي بهم جانب أبي بكر ، وبايعه الناس .
وفي كتب غريب الحديث في تتمة كلام عمر : فأيما رجل يبايع رجلا بغير مشورة من الناس فلا يؤمر واحد منهما تغرة أن يقتلا .
قالوا : غرر تغريرا وتغرة . كما قالوا : حلل تحليلا وتحلة ، وعلل تعليلا وتعلة ، وانتصب تغرة ههنا لأنه مفعول له ؛ ومعنى الكلام أنه إذا بايع واحد آخر بغتة عن غير شورى ، فلا يؤمر واحد منهما ، لأنهما قد غررا بأنفسهما تغرة ، وعرضاهما لأن تقتلا .
وروى جميع أصحاب السيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي كان أبو بكر في منزله بالسنح ، فقام عمر بن الخطاب فقال : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله ، وليرجعن ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجف بموته ، لا أسمع رجلا يقول : مات رسول الله إلا ضربته بسيفي . فجاء أبو بكر وكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : بأبي وأمي ! طبت حيا وميتا ، والله لا يذيقك الله الموتتين أبدا ، ثم خرج والناس حول عمر ، وهو يقول لهم : إنه لم يمت ، ويحلف ، فقال له : أيها الحالف ، على رسلك ! ثم قال : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، قال الله تعالى : ' إنك ميت وإنهم ميتون ' ، وقال : ' أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ' ، قال عمر : فوالله ما ملكت نفسي حيث سمعتها أن سقطت إلى الأرض ، وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه قد مات .
وقد تكلمت الشيعة في هذا الموضع ، وقالوا : إنه بلغ من قلة علمه أنه لم يعلم أن الموت يجوز على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه أسوة بالأنبياء في ذلك ، وقال : لما تلا أبو بكر الآيات ، أيقنت الآن بوفاته . كأني لم أسمع هذه الآية ، فلو كان يحفظ القرآن أو يتفكر فيه ، ما قال ذلك ، ومن هذه حاله لا يجوز أن يكون إماما .
وأجاب قاضي القضاة رحمه الله تعالى في المغني عن هذا فقال : إن عمر لم يمنع من جواز موته عليه السلام ، ولا نفى كونه ممكنا ، ولكنه تأول في ذلك قوله تعالى : ' هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ' ، وقال : كيف يموت ولم يظهر صلوات الله عليه على الدين كله ! فقال أبو بكر : إذا ظهر دينه فقد ظهر هو ، وسيظهر دينه بعد وفاته .
Halaman 25