ومن الباب الرابع في الأواني
قوله: "أما الذكاة فتطهَّر جلد كل ما يؤكل لحمه" (١) ليس على حقيقته؛ فإن الطاهر لا يطهَّر، إذ الحاصل لا يحصل، ولكنه استعارة في استدامة الطهارة، فإن الطهارة (٢) في الحالة الثانية مضافة إليها فكانت كالمطهرة فيها (٣)، والله أعلم.
حكى عن أبي حنيفة ﵀ أنه عمَّم أثر الذكاة والدباغ جميعًا (٤)، وصرح في الدرس بأن أبا حنيفة قال: "جلد الخنزير يطهر بالدباغ". ولفظه ههنا كالمصرح بذلك، وفي الذكاة أيضًا، وأبو حنيفة وأصحابه إنما مذهبهم: أن جلد الخنزير لا يطهر بذلك (٥)، غير أن أبا يوسف (٦) روي عنه طهارة جلد الخنزير بالدباغ، والله أعلم.
الشبُّ (٧)، والقرظ (٨) المذكوران فيما يدبغ به (٩)، أما القرظ (١٠) فهو بالطاء المعجمة لا بالضاد، وهو ورق شجر السلم، ينبت بنواحي
(١) الوسيط ١/ ٣٥٠.
(٢) في (أ): الطاهرة.
(٣) انظر: التنقيح ل ٣٧/ أ - ب.
(٤) انظر: الوسيط ١/ ٣٥٠.
(٥) انظر: مختصر الطحاوي ص: ١٧، بدائع الصنائع ١/ ٨٥، فتح القدير ١/ ٩٢، الدر المختار ١/ ٣٥٦، حاشية ابن عابدين ١/ ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٦) صاحب الإمام أبي حنيفة، الإمام المجتهد، قاضي القضاة، يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش الأنصاري الكوفي أبو يوسف، ولي القضاء للرشيد وكان وزيره، توفي سنة ١٨٢ هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان ٦/ ٣٧٨، تذكرة الحفاظ ١/ ٢٩٢، البداية والنهاية ١٠/ ١٨٩، تاج التراجم لابن قطلوبغا ص: ٣١٥.
وانظر قوله في بدائع الصنائع ١/ ٨٦، حاشية ابن عابدين ١/ ٣٥٧.
(٧) في (أ): الشث، بالثاء.
(٨) في (ب): القرض.
(٩) قال الغزالي: "ثم كيفية الدباغ إحالة الجلد باستعمال الشث والقرظ". الوسيط ١/ ٣٥٠ - ٣٥١.
(١٠) في (ب): القرض.