Sharh Muqaddimat Sunan Ibn Majah
شرح مقدمة سنن ابن ماجه
Genre-genre
"محللة أزرار قميصه، قد اغرورقت عيناه" اغرورقت افعوعلت يعني غرقت بالدموع، خرج منها الدمع الغزير، كأنها غرقت في بحر "اغرورقت عيناه" يعني بالدموع "وانتفخت أوداجه، قال: أو دون ذلك" يعني قال النبي ﵊ هذا أو قال: دون ذلك "أو فوق ذلك، أو قريبًا من ذلك، أو شبيهًا بذلك" لئلا يجزم بنسبة شيء إلى النبي ﵊ واحتمال أن يكون أخطأ فيه، وهذا من ورعه وتحريه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-.
فعلى الإنسان أن يتوقى ويتثبت في نسبة الأمر إلى الله ورسوله، سواءً كان ينسب إليه كلامًا، أو ينسب إليه حكمًا شرعًا، فلا بد أن يتثبت في ذلك كله؛ لأنه في الحكم موقع عن الله -جل وعلا-، وفي النقل مقول لله ولرسوله ما لم يقل.
قال: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال: "كان أنس بن مالك إذا حدث عن رسول الله ﷺ حديثًا ففرغ منه قال: أو كما قال رسول الله ﷺ" لئلا يحفظ عنه على هذا اللفظ، ويكون قد رواه بالمعنى مثلًا، أو أسقط منه شيئًا فيقول: أو كما قال رسول الله ﷺ، وهذا لا شك أنه أولى وأحرى.
قد يقول قائل: إن مثل هذا قد نقرأ صحيح البخاري كاملًا، وفيه الأحاديث الصحيحة المرفوعة إلى النبي ﵊ عن طريق الصحابة، ولم يقل واحد منهم أو كما قال، وهنا يقول: "كان أنس بن مالك إذا حدث عن رسول الله ﷺ حديثًا ففرغ منه قال: أو كما قال رسول الله ﷺ".
أحاديث أنس بن مالك في الصحيحين ما فيها هذا الكلام، قد يكون الصحابي الجليل قالها وحفظها منه التابعي ثم حذفت فيما بعد؛ لأنه تبين أنه لا مجال للتردد في الأحاديث التي خرجت في الصحيحين، أو خرجها الأئمة لا مجال للتردد؛ لأنها عرضت على أحاديث أخرى، وجزم بضبط رواتها، بعرض مروياتهم على روايات الثقات فلا داعي لمثل هذا التردد.
4 / 16