Syarh Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Penyiasat
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Penerbit
مؤسسة الرسالة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَوْجُودُ لِذَاتِهِ لَوْ قُدِّرَ زَوَالُ عِلَّتِهِ، وَهِيَ ذَاتُهُ، لَزَالَ.
قُلْنَا: نَعَمْ، لَكِنْ مَا عِلَّةُ وُجُودِهِ ذَاتُهُ لَا يُمْكِنُ زَوَالُ عِلَّتِهِ حَتَّى يَزُولَ، لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْعِلْمِ الْكَلَامِيِّ.
وَقَوْلُهُ: وَيَا مُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ " يَعْنِي مِنَ الْمُمْكِنَاتِ، وَهُوَ الْعَالَمُ بِأَسْرِهِ، وَاللَّهُ ﷾ هُوَ الَّذِي أَوْجَدَهَا، وَأَفَاضَ عَلَيْهَا وُجُودَهَا بِقُدْرَتِهِ. وَقَوْلُهُ: " وَيَا مُفِيضَ الْخَيْرِ وَالْجُودِ " الْخَيْرُ: ضِدُّ الشَّرِّ، وَهُوَ مَا يُلَائِمُ الطَّبْعَ الْمُعْتَدِلَ السَّلِيمَ وَيَخْتَارُهُ الْعَاقِلُ، نَعَمْ قَدْ يَكُونُ وَجْهُ الِاخْتِيَارِ فِي الشَّيْءِ ظَاهِرًا، كَالْعَافِيَةِ الدَّائِمَةِ، وَالرِّئَاسَةِ الْعَالِيَةِ، وَالْمَآكِلِ وَالْمُشَارِبِ الْمُسْتَطَابَةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَفِيًّا كَامِنًا فِي ضِدِّهِ، حَتَّى إِذَا ظَهَرَ، لَاحَ وَجْهُ الِاخْتِيَارِ فِيهِ، كَالْأَمْرَاضِ وَالْعَاهَاتِ وَالذُّلِّ وَالْخُمُولِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الصِّحَّةِ، وَالرِّفْعَةِ فِي الْعُقْبَى، وَشُرْبِ الْأَدْوِيَةِ الْكَرِيهَةِ الْمُفْضِي إِلَى زَوَالِ الْعِلَّةِ، فَهِيَ خَيْرَاتٌ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا وَمَآلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ شُرُورًا بِاعْتِبَارِ صُورَتِهَا وَحَالِهَا، وَأَفْعَالُ اللَّهِ ﷾ فِي الْوُجُودِ كُلُّهَا حِكْمَةٌ وَخَيْرٌ، لَكِنْ مِنْهَا مَا ظَهَرَ فِيهِ وَجْهُ الِاخْتِيَارِ، كَالنَّافِعِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، وَمِنْهَا مَا خَفِيَ فِيهِ ذَلِكَ كَالْمُضِرِّ مِنَ السِّبَاعِ وَأَنْوَاعِ الْعَقَارِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى اللَّهِ ﷾ رِعَايَةَ مَصَالِحِ عِبَادِهِ: إِنَّ دُخُولَ النَّارِ وَالْخُلُودَ فِيهَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِلْكُفَّارِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَا يَثْبُتُ عِنْدَ الِاعْتِبَارِ.
وَالْخَيْرُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ مَصْدَرُ: خَارَ يَخِيرُ خَيْرًا: إِذَا صَارَ خَيِّرًا، وَخَارَ اللَّهُ لَهُ يَخِيرُ لَهُ خَيْرًا. إِذَا اخْتَارَ لَهُ مَا يُوَافِقُهُ.
وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى: هُوَ ضِدُّ الشَّرِّ، وَهُوَ مَا وَافَقَ الْغَرَضَ بِوَجْهٍ مَا، وَهُوَ مِنَ
1 / 58