278

Syarh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Penerbit

مؤسسة الرسالة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْتُ: وَهَذَا قَدْ لَاحَ مِنْهُ مَنْزَعٌ صَعْبٌ عَلَى الْقَاضِي. وَهُوَ أَنَّ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَنَحْوَهُ، مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَالْإِثْمُ عَلَى التَّأْخِيرِ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَظَنُّ الْمُكَلَّفِ إِنَّمَا يُنَاسِبُ تَأْثِيرَهُ فِي الْأُمُورِ التَّكْلِيفِيَّةِ، فَيَقْلِبُ حَقَائِقَهَا، لِأَنَّهَا أُمُورٌ تَقْدِيرِيَّةٌ أَوْ إِلْزَامِيَّةٌ، كَالْإِثْمِ وَالثَّوَابِ، فَجَازَ أَنْ تَتْبَعَ الظُّنُونَ وَالِاعْتِقَادَاتِ، أَمَّا الْأُمُورُ الْوَضْعِيَّةُ كَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهَا، فَلَا يَقْوَى ظَنُّ الْمُكَلَّفِ عَلَى قَلْبِ حَقَائِقِهَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي: إِنَّ بِمُقْتَضَى ظَنِّ هَذَا الْمُكَلَّفِ صَارَ وَقْتُ الْأَدَاءِ الْأَصْلِيُّ وَقْتَ قَضَاءٍ فِي حَقِّهِ هُوَ قَلْبٌ لِحَقِيقَةِ أَمْرٍ وَضْعِيٍّ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ثُبُوتِهِ. أَمَّا الصُّورَةُ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الْآمِدِيُّ، وَهِيَ تَأْخِيرُ الْمُوَسَّعِ بِدُونِ الْعَزْمِ، فَلِلْقَاضِي أَنَّ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ هَذَا الْمُكَلَّفَ لَمَّا أَخَّرَ الْوَاجِبَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ، حَصَلَ هُنَا ظَنٌّ نَاسَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَالظَّنُّ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ. بِخِلَافِ مَا إِذَا أَخَّرَ الْوَاجِبَ تَارِكًا لِلْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ عَصَى مَعْصِيَةً عَدَمِيَّةً، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهَا، فَلَا يَقْوَى عَلَى مُنَاسَبَةِ تَغْيِيرِ أَمْرٍ وَضْعِيٍّ، بِخِلَافِ الظَّنِّ الْوُجُودِيِّ، الَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَنَاطُ تَكْلِيفِهِ، وَأَمَارَةُ أَحْكَامِ الشَّرْعِ فِي حَقِّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: نَحْنُ إِلَى الْآنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ وَفُرُوعِهِ، بِحَسَبِ تَقْرِيرِ مَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» فَلْنَذْكُرْ هَاهُنَا فِيهِ أَبْحَاثًا مِنْ بَابِ التَّحْقِيقِ وَالتَّكْمِلَةِ لَهُ: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: النَّاسُ إِمَّا مُنْكِرٌ لِلْمُوَسَّعِ، أَوْ مُثْبِتٌ لَهُ، وَالْمُنْكِرُ إِمَّا مُخَصِّصٌ لِلْوُجُوبِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، أَوْ بِآخِرِهِ، أَوْ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.

1 / 329