Syarh Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Editor
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Penerbit
مؤسسة الرسالة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمِنْهَا كَفَّارَتَا الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ، وَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْخِصَالِ الثَّلَاثِ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا قَالَ فِيهِمَا بِالتَّخْيِيرِ، لِنَصِّ الْكِتَابِ عَلَى التَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾، ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: ٤] .
وَمِنْهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَهِيَ تَجْمَعُ التَّرْتِيبَ وَالتَّخْيِيرَ بِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٨٩]، فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثِ، وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٨٩] .
قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَلِلتَّخْيِيرِ وَالتَّرْتِيبِ أَلْفَاظٌ تَدُلُّ عَلَيْهِمَا فِي اللُّغَةِ، وَالَّذِي رَأَيْتُهُ لِلْفُقَهَاءِ أَنَّ صِيغَةَ «أَوْ» تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ، نَحْوُ: افْعَلُوا كَذَا أَوْ كَذَا، وَكَذَلِكَ صِيغَةُ: افْعَلُوا إِمَّا كَذَا وَإِمَّا كَذَا، وَصِيغَةُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ، أَوْ: إِنْ لَمْ تَجِدْ كَذَا فَكَذَا، تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَهُوَ أَلَّا يَعْدِلَ إِلَى الثَّانِي إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى هَذَا سُؤَالًا، وَهُوَ أَنَّ مَا ذُكِرَ، يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ أَوْ لَا يُشَرَّعَ اسْتِشْهَادُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ رَجُلَيْنِ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٨٢]، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، فَيَلْزَمُ إِمَّا أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، وَإِمَّا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فِي امْتِنَاعِ اسْتِشْهَادِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، مَعَ وُجُودِ رَجُلَيْنِ.
ثُمَّ أَجَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ، بِمَا حَاصِلُهُ: إِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ صِيغَةَ الشَّرْطِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي دَلَالَتِهَا عَلَى التَّرْتِيبِ، بَلْ كَمَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ تَارَةً، فَهِيَ تُفِيدُ الْحَصْرَ أُخْرَى، كَقَوْلِنَا: مَنْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا، فَهُوَ مَيِّتٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُتَحَرِّكًا، فَهُوَ سَاكِنٌ،
1 / 295