Syarh Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Penyiasat
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Penerbit
مؤسسة الرسالة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمَا يَكُونُ، وَبِمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ، فَاللَّهُ ﷾ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْخَلْقَ مُسْتَقِلِّينَ بِأَفْعَالِهِمْ خَلْقًا وَإِيجَادًا، لَكَانُوا كَمَا هُمُ الْآنَ، طَائِعٌ وَعَاصٍ بِأَعْيَانِهِمْ. فَعَلِمَ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَكُونُ كَافِرًا، وَأَنَّ مُوسَى ﵇ كَانَ يَكُونُ مُؤْمِنًا، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْحَالَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اسْتِقْلَالِهِمْ بِأَفْعَالِهِمْ، وَإِجْبَارِهِمْ عَلَيْهَا بِسِرِّ الْقَدَرِ سَوَاءٌ، رَجَّحَ جَانِبَ ضَبْطِ الْوُجُودِ، وَتَعْمِيمِ الْمَوْجُودَاتِ بِالْإِسْنَادِ إِلَى خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَلَعَلَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٢٣]، إِلَى هَذَا، وَقَدِ اسْتَقْصَيْتُ هَذَا الْكَلَامَ وَغَيْرَهُ فِي كِتَابِ «رَدِّ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ» .
وَحَاصِلُ هَذَا: أَنَّ سِرَّ اللَّهِ ﷾ لِخَلْقِهِ، بِسِرِّ الْقَدَرِ فِي الْبَاطِنِ عَلَى مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ عَدْلٌ بَاطِنٌ، وَإِزَاحَتُهُ لِعِلَلِهِمْ فِي أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ ظَاهِرًا عَدْلٌ ظَاهِرٌ، فَالْوَاجِبُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذَا الْعَدْلِ الظَّاهِرِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُكْرَهُ مُكَلَّفًا. أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْأَفْعَالِ، إِذَا كَانَتِ التَّكَالِيفُ بِأَسْرِهَا غَيْرَ مَقْدُورَةٍ، فَلْيَكُنِ الْمُكْرَهُ مُكَلَّفًا، لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا بِغَيْرِ مَقْدُورٍ، فَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ اللَّهَ ﷾، إِنْ كَلَّفَ خَلْقَهُ بِمَا لَيْسَ مَقْدُورًا لَهُمْ، فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى تَصَرُّفِهِ الْكَوْنِيِّ، وَهُوَ تَصَرُّفٌ خَاصٌّ بِهِ، لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ حَتَّى يَلْحَقَ الْمُكْرَهُ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ - أَعْنِي مَسْأَلَةَ تَكْلِيفِ النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ - أَصْلٌ لِأَحْكَامِ
1 / 202