130

Syarh Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Penyiasat

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Penerbit

مؤسسة الرسالة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ مَفْقُودٌ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، لِأَنَّهُمَا لَا يَفْهَمَانِ، وَمَنْ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ، لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ قَصْدُ مُقْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: «وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالْغَرَامَاتِ فِي مَالِهِمَا، غَيْرُ وَارِدٍ، إِذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، كَوُجُوبِ الضَّمَانِ بِبَعْضِ أَفْعَالِ الْبَهَائِمِ» . هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، تَقْدِيرُهُ: أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ، إِذَا كَانَا غَيْرَ مُكَلَّفَيْنِ فَلِمَ أَوْجَبْتُمُ الزَّكَاةَ، وَغَرَامَةَ مَا أَتْلَفَاهُ فِي مَالِهِمَا؟ وَالزَّكَاةُ وَالْغَرَامَاتُ إِنَّمَا ثَبَتَا بِخِطَابِ الشَّرْعِ، وَقَدْ ثَبَتَا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَا مُخَاطَبَيْنِ. وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ: أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَالْغَرَامَاتِ فِي مَالِهِمَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ الْخِطَابِيِّ لَهُمَا، إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِأَسْبَابِهَا، كَمَا أَنَّ الْبَهِيمَةَ إِذَا أَتْلَفَتْ زَرْعًا بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ بِتَفْرِيطِ صَاحِبِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الضَّمَانِ بِأَفْعَالِ الْبَهَائِمِ، ضَمِنَ صَاحِبُهَا، مَعَ أَنَّ الْبَهِيمَةَ لَيْسَتْ مُخَاطَبَةً، وَلَا مُكَلَّفَةً بِالْإِجْمَاعِ. وَمَعْنَى رَبْطِ الْحُكْمِ بِالسَّبَبِ: أَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَ أَسْبَابًا تَقْتَضِي أَحْكَامًا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، تَحْقِيقًا لِلْعَدْلِ فِي خَلْقِهِ، وَلِمُرَاعَاةِ مَصَالِحِهِمْ تَفَضُّلًا مِنْهُ، لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَكْلِيفٌ وَلَا عِلْمٌ، حَتَّى كَأَنَّ الشَّرْعَ قَالَ: إِذَا وَقَعَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ فِي الْوُجُودِ، فَاعْلَمُوا أَنِّي حَكَمْتُ بِكَذَا، كَالْمَوْتِ مَثَلًا، إِذْ هُوَ سَبَبُ انْتِقَالِ مَالِ الْمَيِّتِ إِلَى وَارِثِهِ، سَوَاءٌ كَانَ عَاقِلًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ، عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ، مُخْتَارًا أَوْ غَيْرَ مُخْتَارٍ، فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إِلَيْهِ قَهْرًا حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، لَهُ عِتْقٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ يَعْتَقِدُ حَيَاتَهُ، فَبَانَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ مَيِّتًا، صَحَّ الْبَيْعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ حَوَلَانُ الْحَوْلِ عَلَى

1 / 181