327

Sharah Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Editor

د. عبد الحميد هنداوي

Penerbit

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

له خيل غر محجلة، بين ظهري خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله؟» قالوا: بلي، يا رسول الله! قال: «فإنهم يأتون غرًا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم علي الحوض» رواه مسلم. [٢٩٨]
٢٩٩ - وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه، فأنظر إلي ما بين يدي، فأعرف أمتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك وعن شمالي
ــ
علي أنك تمنيت رؤيتهم في الدنيا، وإنما يتمنى ما لم يمكن حصوله، فإذن كيف تعرفهم في الآخرة؟ وإنما حملناه علي الآخرة ليطابق قوله: «غر محجلة» لظهورهما حينئذ. والظهر في «بين ظهري خيل» مقحم. «نه»: ومنه «فأقاموا بين ظهرانيهم» أي أقاموا بينهم علي سبيل الاستظهار والاستناد إليهم، ومعناه أن ظهرًا منهم قدامه، وظهرًا وراءه، فهو مكنوف من جانبيه، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقًا.
قوله: «بهم» قيل: هي السود، وقيل: البهيم الذي لا يخالط لونه لونًا سواه، قرنه بالدهم تأكيدًا للسواد. قوله: «أرأيت لو أن رجلًا» «رجلًا» اسم «أن» علي تأويل رجلًا ما من الرجال، وما بعده خبر له، وجواب «لو» «لا يعرف»، وهمزة التقرير مقحمة مؤكدة للتي سبقت؛ لأن معنى أرأيت أخبرني.
قوله: «وأنا فرطهم» أي متقدمهم إلي حوضي في المحشر، يقال: فرط يفرط فهو فارط، إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء، ويهيئ لهم الدلاء والأرشية.
الحديث السادس عن أبي الدرداء: قوله: «وأنا أول من يؤذن له- إلي قوله- أن يرفع رأسه» إشارة إلي مقام الشفاعة كما ورد في قوله: «فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدًا- إلي قوله- فيقول لي: ارفع محمد» الحديث. وقوله: «تعرف» بمعنى تميز؛ ليستقيم تعلق «من» به، أي كيف تميز أمتك من بين سائر الأمم؟ «وفيما بين نوح» حال من «الأمم» كالبيان له، أي الأمم كائنة فيما بين نوح، ولو قيل: هو ظرف لـ «تعرف» لرجع المعنى كيف تعرف أمتك فيما بين نوح، ولم يكن لقوله: «من الأمم» معنى. وإنما خص ذكر نوح والأنبياء قبله قد بعثوا، لشهرته أو للتغليب، كما في قوله تعالي: ﴿وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح﴾ الآية. و«إلي» في قوله: «إلي أمتك» للانتهاء، أي مبتدئًا من نوح منتهيًا إلي أمتك.

3 / 755