Sharah Mishkat
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
Penyiasat
د. عبد الحميد هنداوي
Penerbit
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Lokasi Penerbit
الرياض
Genre-genre
قالوا: بلى. قال: فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة: لم نعلم بهذا. اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئًا. إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي. قالوا: شهدنا بأنك ربنا وإلهنا. لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك. فأقروا بذلك، ورفع عليهم آدم ﵇ بنظر إليهم، فرأي الغني والفقير، وحسن الصورة ودون ذلك. فقال: رب لولا سويت بين عبادك! قال: إني أحببت أن أشكر ورأي فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور، خصوا بمثاق آخر في الرسالة والنبوة، وهو قوله ﵎ ﴿وإذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ﴾ إلى قوله:
ــ
تعالى: ﴿ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾ أي أشباها وأقرانًا، وبين الأصناف بقوله: «فرأى الغني، والفقير» إلى آخره، وقوله: «فجعلهم أزواجًا» أي أراد أن يجعلهم أصنافًا فصورهم، كقوله تعالى: ﴿فَإذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾.
قوله: «فإني أشهد عليكم السموات السبع» إشارة إلى نصب الدلائل الظاهرة، والآيات الباهرة، و«أشهد عليكم آباءكم» – أي يذكرونكم عهدي – إشارة إلى النصوص الشاهدة، والتنبيهات من الرسل المبعوثين إليهم، فعلى هذا ينبغي أن يحمل حديث عمر ﵁؛ لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضا. و«رفع» أي أشرف و«ينظر» حال، ويجوز أن يكون مفعولا له، و«أن مقدرة، أي لأن ينظر إليهم، كقول الشاعر: ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى. و«لولا» للتحضيض أي هلا سويت بينهم الغني والفقير وغير ذلك، «أن أشكر» أي ما سويت بينهم حتى ينظر الغني إلى الفقير، فيشكو نعمتي عليه، وينظر الفقير إلى دينه فيرى نعمته فوق الغني فيشكر نعمتي عليه، ويرى حسن الصورة إلى جماله فيشكر، وقبيح الصورة فيرى حسن خصاله فيشكر، وعلى هذا. «ورأى الأنبياء» يعني أن الأنبياء بعد الميثاق العام خصهم الله بميثاق آخر «من فيها» أي دخل الروح من في مريم ﵍، وذكر الروح على تأويل المنفوخ، أو في عيسى، وكذا في «أرسله» فكأنه أراد قوله تعالى: ﴿ومَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا﴾ أي فيها، وقرأ ابن مسعود «فيها» ﷺ كما قرئ في سورة الأنبياء، وتقييده بقوله: «ودخل من فيها» تسجيل على النصارى بركاكة عقولهم، أي كيف يتخذ إليها من دون الله من هذا حاله؟ كقوله: ﴿وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾.
2 / 585