140

Sharah Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Penyiasat

د. عبد الحميد هنداوي

Penerbit

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

٩٢ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع» متفق عليه. ــ «الكشاف»: وهو تأكيد «للقيوم» لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون «قيوما» وهو مثل قوله: «لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام» وقوله: ﴿مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ﴾ كالتعليل لمعنى القيومية أي كيف ينام، وهو مالك ما في السموات وما في الأرض ومربيهم، ومدبر أمور معاشهم ومعادهم؟ إلى الأول الإشارة بقوله: «يخفض القسط ويرفعه» وإلى الثاني بقوله: «يرفع إليه عمل الليل» إلى آخره. فإن قلت: فأين معنى قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ الآية، في الحديث؟ قلت: تخصيص ذكر البصر الذي هو نوع من طريق العلم ملوح إليه، فما أجمعه من كلمات! فما أفصحه من عبارات! ولعمرك إن هذا الحديث سيد الأحاديث، كما أن آية الكرسي سيدة الآيات، والله أعلم. الحديث الرابع عشر عن أبي هريرة ﵁: قوله: «يد الله ملأى» أي نعمة الله غزيرة، كقوله تعالى: ﴿يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾؟ «الكشاف»: بسط اليد مجاز عن الجود، ولا يقصد من يتكلم به إثبات يد ولا بسط، ولا فرق بين هذا الكلام وبين ما يقع مجازا عنه كأنهما عبارتان عن معبر واحد. ولو أعطى الأقطع إلى المنكب عطاء جزيلا لقالوا: ما أبسط يده بالنوال! وقال في سورة «طه»: إنها كناية، وصرح هنا بأنها مجاز، لعله لما كانا متساويين في اللزوم أجاز إطلاق المجاز تارة، والكناية أخرى. «مظ»: «يد الله» أي خزائن الله، أقول: أطلق اليد على الخزائن لتصرفها فيها، وهو المجاز المرسل، والقرينة الإضافية «وملأى» كالترشيح للمجاز، والمعني بالخزائن قوله: ﴿كُن فَيَكُونُ﴾ على ما ورد «عطائي كلام، وعذابي كلام، وإنما أمري لشيء إذا ما أردت أن أقول: كن فيكون». ولذلك لا ينقص أبدا بأن يصب الرزق على عباده دائما. «لا يغيضها» استعارة تبعية للتغيض؛ لأن الحقيقة تغيض الماء، قال الله تعالى: ﴿وغِيضَ المَاءُ﴾ وكذلك «سحاء»؛ لأنه من صفة الماء، يقال: سح يسح سحا فهو ساح، والمؤنث سحاء وهي فعلاء لا أفعل لها، كهطلاء. و«الليل والنهار» ظرفان أي وقتهما، ويجوز أن يكون «ملأى، وتغيضها، وسحاء، وأرأيتم» على تأويل مقول فيه إخبارا مترادفة لـ «يد الله» وأن تكون الثلاثة الأخيرة وصفا

2 / 552