122

Sharah Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Penyiasat

د. عبد الحميد هنداوي

Penerbit

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات: فيكتب عمله وأجله ورزقه، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها». متفق عليه. ــ وقوله: «علقة» وهي الدم الغليظ الجامد، و«ذلك» إشارة إلى محذوف أي مثل ذلك الزمان. «والمضغة» هي قطعة من اللحم قدر ما يمضغ. و«النطفة» الماء القليل. وفي الحديث «جاء رجل بنطفة في إداوة» وبه سمى المني نطفة لقلتها. وقيل: سميت بها لنطافتها – أي سيلانها، من قولهم: ماء ناطف أي سيال – و«الكلمات» القضايا المقدرة، وكل قضية تسمى كلمة، قولا كان أو فعلا. «قض»: «ثم يبعث الله إليه ملكا» أي يبعث إليه الملك في الطور الرابع حينما يتكامل بنيانه، وتتشكل أعضاؤه، فيعين وينقش فيه ما يليق به من الأعمال والأعمار والأرزاق حسب ما اقتضته حكمته، وسبقت كلمته، فمن وجده مستعدا لقبول الحق واتباعه، ورآه أهلا للخير، وأسباب الصلاح متوجها إليه أثبته في عداد السعداء، وكتب له أعمالا صالحة تناسب ذلك ومن وجده كذا جافيا، قاسى القلب، ضاريا بالطبع، متنائيا عن الحق، أثبت ذكره في ديوان الأشقياء الهالكين، وكتب له ما يتوقع منه من الشرور والمعاصي. هذا إذا لم يعلم من حاله وقوع ما يقتضي تغير ذلك، وإن علم من ذلك شيئا كتب له أوائل أمره وأواخره، وحكم عليه وفق ما يتم به عمله؛ فإن ملاك العمل خواتمه، وهو الذي يسبق إليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة. «مظ»: اعلم أن الله تعالى يحول الإنسان في بطن أمه حالة بعد حالة، مع أنه قادر على أن يخلقه في لمحة البصر؛ وذلك أن في التحويل فوائد وعبرا، منها: أنه لو خلقه دفعة لشق على الأم؛ لأنها لم تكن معتادة لذلك، وربما يظن علة، فجعلت أولا نطفة لتعتاد بها مدة، ثم علقة مدة، وهلم جرا إلى الولادة. ومنها إظهار قدرة الله تعالى ونعمته ليعبدوه ويشكروا له، حيث قلبهم من تلك الأطوار، إلى كونهم إنسانا حسن الصورة، متحليا بالعقل والشهامة، متزينا بالفهم والفطانة. ومنها إرشاد الناس وتنبيههم على كمال قدرته على الحشر والنشر؛ لأن من قدر على خلق الإنسان من ماء مهين، ثم من علقة، ومضغة مهيأة لنفخ الروح فيه يقدر على تصييره ترابا، ونفخ الروح فيه، وحشره في المحشر للحساب والجزاء. قوله: «حتى ما يكون» «حتى» هي الناصبة، و«ما» نافية ولفظة «يكون» منصوبة بـ «حتى» و«ما» غير مانعة لها من العمل و«ذراع» مثل يضرب بمعنى المقاربة إلى الدخول. قوله: «شقي أو

2 / 534