322

Syarh al-Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Penerbit

دار المعارف النعمانية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1401هـ - 1981م

Lokasi Penerbit

باكستان

الثاني أن ابن سينا وهو القدوة في فن المنطق والثقة في تفسير ألفاظه وشرح معانيه صرح بأن التصديق المنطقي الذي قسم العلم إليه وإلى التصور هو بعينه اللغوي المعبر عنه في الفارسية بكرويدن المقابل للتكذيب قال في كتابه المسمى بدانش نامه علائي دانش دوكونه است يكي دربافتن ودررسيدن وآنرا بتازى قصور خوانند ودوم كرويدن وآنرا بتازى تصديق خوانند وهذا صريح بأن ثاني قسمي العلم هو المعنى الذي يوضع بإزائه لفظ التصديق في لغة العرب وكرويدن في لغة الفرس ونفي لما عسى يذهب إليه معاند من أن كرويدن في المنطق غيره في اللغة وقال في الشفاء التصديق في قولك البياض عرض هو أن يحصل في الذهن نسبة صورة هذا التأليف إلى الأشياء أنفسها أنها مطابقة لها والتكذيب يخالف ذلك فلم يجعل التصديق حصول النسبة التامة في الذهن على ما يفهمه البعض بل حصول أن ينسب الذهن الثبوت أو الانتفاء الذي بين طرفي المؤلف إلى ما في نفس الأمر بالمطابقة ومعناه نسبة الحكم إلى الصدق أعني صادق داشتن وكرو بدن وبينه بأنه ضد التكذيب الذي معناه النسبة إلى الكذب أعني كاذب داشتن وبهذا يندفع ما يقال أن الحكم فعل اختياري هو الإيقاع أو الانتزاع فكيف يكون نفس التصديق أو جزؤه والتصديق قسم من العلم الذي هو من مقولة الكيف أو الانفعال ونعم ما قال من قال الإسناد والإيقاع ونحو ذلك ألفاظ وعبارات والتحقيق أنه ليس للنفس ههنا تأثير وفعل بل إذعان وقبول وإدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة نعم حصول هذا التصديق قد يكون بالكسب أي مباشرة الأسباب بالاختيار كإلقاء الذهن وصرف النظر وتوجيه الحواس وما أشبه ذلك وقد يكون بدونه كمن وقع عليه الضوء فعلم أن الشمس طالعة والمأمور به يجب أن يكون من الأول فإن قيل فاليقين الحاصل بدون الإذعان والقبول بل مع الجحود والاستكبار كما للسوفسطائي ولبعض الكفار يكون من قبيل التصور دون التصديق وهو ظاهر البطلان قلنا نحن لا ندعي إلا كون التصديق المنطقي على ما يفسره رئيسهم لا على ما يفهمه كل نساج وحلاج هو التصديق اللغوي المقابل للتكذيب المعبر عنه بكرويدن وأنه لا يصح حينئذ بت القول وإطباق القوم على أن المعتبر في الإيمان هو اللغوي دون المنطقي بل غايته أنه يجب اشتراط أمور كالاختيار وترك الجحود والاستكبار وأما أنه يلزم على قصد تقسيمه وتفسيره كون اليقين الخالي عن الإذعان والقبول تصورا أو خارجا عن التصور والتصديق فذلك بحث آخر لكن الكلام في إمكان الإيقان بدون الإذعان وفي كون بعض الكفار موقنين بجميع ما جاء به النبي عليه السلام غير مصدقين وفي أن كفرهم ليس من جهة الإباء عن الإقرار باللسان والاستكبار عن امتثال الأوامر وقبول الأحكام والإصرار على التكذيب باللسان إلى غير ذلك من موجبات الكفر مع تصديق القلب لعدم الاعتداد به مع تلك الإمارات كما في إلقاء المصحف في القاذورات

الثالث أنا لا نفهم من نسبة التصديق إلى المتكلم بالقلب سوى إذعانه وقبوله وإدراكه لهذا المعنى أعني كون المتكلم صادقا من غير أن يتصور هناك فعل وتأثير من القلب ونقطع بأن هذا كيفية للنفس قد تحصل بالكسب والاختيار ومباشرة الأسباب وقد تحصل بدونها فغاية الأمر أن يشترط فيما اعتبر في الإيمان أن يكون تحصيله بالاختيار على ما هو قاعدة المأمور به وأما أن هذا فعل وتأثير من النفس لا كيفية لها وأن الاختيار معتبر في مفهوم التصديق اللغوي فممنوع بل معلوم الانتفاء قطعا ولو كان الإيمان والتصديق من مقولة الفعل دون الكيف لما صح الاتصاف به حقيقة إلا حال المباشرة والتحصيل كما لا يخفى على من يعرف معنى هذه المقولة

Halaman 253