Syarh al-Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Penerbit
دار المعارف النعمانية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1401هـ - 1981م
Lokasi Penerbit
باكستان
Genre-genre
الفصل الرابع في أحواله من أنه هل يرى وهل يمكن العلم بحقيقته وفيه بحثان البحث الأول في رؤيته
ذهب أهل السنة إلى أن الله تعالى يجوز أن يرى وأن المؤمنين في الجنة يرونه منزها عن المقابلة والجهة والمكان وخالفهم في ذلك جميع الفرق فإن المشبهة والكرامية إنما يقولون برؤيته في الجهة والمكان لكونه عندهم جسما تعالى عن ذلك ولا نزاع للمخالفين في جواز الانكشاف التام العلمي ولا لنا في امتناع ارتسام صورة من المرئي في العين أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي وحالة إدراكية مستلزمة لذلك وإنما محل النزاع إنا إذا عرفنا الشمس مثلا بحد أو رسم كان نوعا من المعرفة ثم إذا أبصرناها وغمضنا العين كان نوعا آخر فوق الأول ثم إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأولين نسميها الرؤية ولا تتعلق في الدنيا إلا بما هو في جهة ومكان فمثل هذه الحالة الإدراكية هل تصح أن تقع بدون المقابلة والجهة وإن تتعلق بذات الله تعالى منزها عن الجهة والمكان ولم يقتصر الأصحاب على أدلة الوقوع مع أنها تفيد الإمكان أيضا لأنها سمعيات ربما يدفعها الخصم بمنع إمكان المطلوب فاحتاجوا إلى بيان الإمكان أولا والوقوع ثانيا ولم يكتفوا بما يقال الأصل في الشيء سيما فيما ورد به الشرع هو الإمكان ما لم يزد عنه الضرورة والبرهان فمن ادعى الامتناع فعليه البيان لأن هذا إنما يحس في مقام النظر والاستدلال دون المناظرة والاحتجاج فإن قيل المعول عليه من الأدلة الإمكان أيضا سمعي لأن إحدى مقدمتيه وهو أن موسى عليه السلام طلب الرؤية وأن الرؤية علقت على استقرار الجبل إنما يثبت بالنقل دون العقل قلنا نعم لكنه قطعي لا نزاع في إمكانه بل وقوعه لنا من المنقول قوله تعالى حكاية
﴿رب أرني أنظر إليك﴾
الآية والاستدلال فيها من وجهين
أحدهما أنه لو لم تجز الرؤية لم يطلبها موسى عليه السلام واللازم باطل بالنص والإجماع والتواتر وتسليم الخصم وجه اللزوم أنه إن كان عالما بالله تعالى وما يجوز وما لا يجوز كان طلبه الرؤية عبثا واجتراء بمالا يليق بالأنبياء عليهم السلام وإن كان جاهلا لم يصلح أن يكون نبيا كليما
وثانيهما أنه علق الرؤية على استقرار الجبل وهو ممكن في نفسه ضرورة والمعلق على الممكن ممكن لأن معنى التعليق إن المعلق يقع على تقرير المعلق عليه والمحال لا يقع على شيء من التقادير واعترضت المعتزلة بوجوه
الأول أن موسى عيه السلام لم يطلب الرؤية بل عبر بها عن لازمها الذي هو العلم الضروري
Halaman 111