226

Syarh al-Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Penerbit

دار المعارف النعمانية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1401هـ - 1981م

Lokasi Penerbit

باكستان

الثالث دليل التمانع وهو أنه لو وقع شيء بإيجاد الغير وفرضنا تعلق قدرة الله تعالى وإرادته بضد ذلك الشيء في حال إيجاد الغير ذلك الشيء كحركة جسم وسكونه في زمان بعينه فإن وقع الأمر إن جميعا لزم اجتماع الضدين وإن لم يقع شيء منهما لزم عجز الباري تعالى وتخلف المعلول عن تمام العلة وخلو الجسم عن الحركة والسكون وإن وقع أحدهما لزم الترجح بلا مرجح وفيه ما قد عرفت لا يقال معنى كون قدرته أكمل أنها أشمل أي أكثر إيجادا ولا أثر لهذا التفاوت في المقدور المخصوص بل نسبة القدرتين إليه على السواء لأنا نقول بل معناه أنها أقوى وأشد تأثيرا فيترجح على قدرة العبد ويظهر أثرها ( قال وخالفت الفلاسفة ) القول بأنه لا مؤثر في الوجود سوى الله تعالى مذهب البعض من أهل السنة كالأشاعرة ومن يجري مجراهم وخالف فيه أكثر الفرق من المليين وغيرهم فذهبت الفلاسفة إلى أن الصادر عنه بلا واسطة هو العقل الأول وهو مصدر لعقل ونفس وفلك وهكذا يترتب المعلولات مستندا بعضها إلى البعض فالفاعل للأفلاك عقول ولحركاتها نفوس وللحوادث بعض هذه المبادي أو الصور أو القوى بتوسط الحركات ولأفعال المعدنيات صورها النوعية ولأفعال النبات والحيوان نفوسها وبالجملة فأكثر الممكنات عندهم مؤثرات وذهب الصائبون والمنجمون إلى أن كل ما يقع في عالم الكون والفساد من الحوادث والتغيرات مستندة إلى الأفلاك والكواكب بما لها من الأوضاع والحركات والأحوال والاتصالات وغاية متمسكهم في ذلك هو الدوران أعني ترتب هذه الحوادث على هذه الأحوال وجودا وعدما وهو لا يفيد القطع بالعلية لجواز أن تكون شروطا أو معلولات مقارنة أو نحو ذلك كيف وكثيرا ما يظهر التحلف بطريق المعجزات والكرامات كيف ومبنى علومهم على بساطة الأفلاك والكواكب وانتظام حركاتها على نهج واحد وهو ينافي ما ذهبوا إليه من اختلاف أحوال البروج والدرجات وانتسابها إلى الكواكب وغير ذلك من التفاصيل والاختصاصات وبالنظر إلى الدوران زعم الطبيعيون أن حوادث هذا العالم مستندة إلى امتزاج العناصر والقوى والكيفيات الحاصلة بذلك ثم الظاهر أن ما نسب إلى المنجمين والطبيعيون هو مذهب الفلاسفة إلا أنه لما لم يعرف مذهب الفريقين في مبادي الأفلاك والعناصر وإثبات العقول والنفوس وكون الباري موجبا أو مختارا جعل كل منهما فرقة من المخالفين وأما من المسلمين فالمعتزلة أسندوا الشرور والقبائح إلى الشيطان وهو قريب من مذهب القائلين بالنور أو الظلمة وأسندوا الأفعال الاختيارية للإنسان وغيره من الحيوانات إليهم وهو مسألة خلق الأعمال وسيئاتي فإن قيل الفلاسفة والمعتزلة لا يقولون بالقدرة فلا معنى لعدهم من المخالفين في شمولها قلنا المراد بالقدرة ههنا القادرية أي كونه قادرا ولا خلاف للمعتزلة في ذلك وكذا للفلاسفة لكن بمعنى لاينا في الإيجاب على ما قيل إن القادر هو الذي يصح أن يصدر عنه الفعل وأن لا يصدر وهذه الصحة هي القدرة وإنما يترجح أحد الطرفين على الآخر بانضياف وجود الإرادة أو عدمها إلى القدرة وعند اجتماعها يجب حصول الفعل وإرادة الله تعالى علم خاص وعلمه وقدرته أزليان غير زائدين على الذات فلهذا كان العالم قديما والصانع موجبا بالذات والحق أن هذا قول بالقدرة والإرادة لفظا لا معنى قال المبحث الثالث في أنه عالم اتفق عليه جمهور العقلاء والمشهور من استدلال المتكلمين وجهان

الأول أنه فاعل فعلا محكما متقنا وكل من كان كذلك فهو عالم أما الكبرى فبالضرورة وينبه عليه أن من رأى خطوطا مليحة أو سمع ألفاظا فصيحة تنبئ عن معان دقيقة وأغراض صحيحة علم قطعا أن فاعلها عالم وأما الصغرى فلما ثبت من أنه خالق للأفلاك والعناصر ولما فيها من الأعراض والجواهر وأنواع المعادن والنبات وأصناف الحيوانات على اتساق وانتظام وإتقان وإحكام تحار فيه العقول والأفهام ولا تفي بتفاصيلها الدفاتر والأقلام على ما يشهد بذلك علم الهيئة وعلم التشريح وعلم الآثار العلوية والسفلية وعلم الحيوان والنبات مع أن الإنسان لم يؤت من العلم إلا قليلا ولم يجد إلى الكنه سبيلا فكيف إذا رقي إلى عالم الروحانيات من الأرضيات والسمويات وإلى ما يقول به الحكماء من المجردات

﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون

فإن قيل إن اريد الانتظام والأحكام من كل وجه بمعنى أن هذه الآثار مرتبة ترتيبا لا خلل فيه أصلا وملائمة للمنافع والمصالح المطلوبة منها بحيث لا يتصور ما هو أوفق منه وأصلح فظاهر أنها ليست كذلك بل الدنيا طافحة بالشرور والآفات وإن أريد في الجملة ومن بعض الوجوه محل آثار المؤثرات من غير العقلاء بل كلها كذلك وأيضا قد أسند جمع من العقلاء الحكماء عجائب خلقة الحيوان وتكون تفاصيل الأعضاء إلى قوة عديمة الشعور سموها المصورة فكيف يصح دعوى كون الكبرى ضرورية قلنا المراد اشتمال الأفعال والآثار على لطائف الصنع وبدائع الترتيب وحسن الملائمة للمنافع والمطابقة للمصالح على وجه الكمال وإن اشتمل بالفرض على نوع من الخلل وجاز أن يكون فوقه ما هو أكمل والحكم بأن مثل ذلك لم يصدر إلا عن العالم ضروري سيما إذا تكرر وتكثر وخفاء الضروري على بعض العقلاء جائز وما يقال لم لا يكفي الظن مدفوع بالتكرر والتكثر وبأنه يكفي في إثبات غرضنا التصور

Halaman 87