قال ارسطاطاليس فاذا كما قيل ان فى الجوامع ابتداء كل شىء الجوهر وذلك ان الجوامع انما هى مما هو كذلك هاهنا التكوينات والاشياء التى يقوم بها من الطباع مثل تلك فان الزرع يصنع كالتى من المهنة وذلك ان فيه الصورة بالقوة والذى منه الزرع مشارك بالاسم بنوع ما فانه لا ينبغى ان تطلب جميع الاشياء على الحال التى يكون انسان من انسان فان المراة من الرجل ولذلك ليس البغل من البغل الا ان يكون بعض ما فاما جميع التى تكون من ذاتها فتكون كما هناك جميع التى لعنصرها قوة ان تتحرك من ذاتها هذه الحركة التى يحركها الزرع وجميع التى عنصرها لا يقوى على ذلك بنوع ما اخر لا منها التفسير قوله فاذا كما قيل ان فى الجوامع ابتداء كل شىء الجوهر˹ يعنى بالجوامع المقاييس وبالجوهر ماهية الشىء المصنوع التى هى القياس فهو يقول كما ان ابتداء كل شىء مصنوع هى ماهية الذى هو القياس كذلك الامر فى جميع المتكونات بالطبع هى عن ماهيته المتقدمة عليه وهو الذي دل عليه بقوله وذلك ان الجوامع انما هى مما هو كذلك هاهنا التكوينات يريد وذلك انه كما ان الجوامع اى المقاييس التى تتولد عنها المصنوعات انما هى ماهيات المصنوعات كذلك الامور المتكونة هى متولدة عن ماهياتها سواء فى ذلك الصناعة والطبيعة وهو الذى دل عليه بقوله والاشياء التى يقوم بها من الطباع مثل تلك يريد والاشياء التى توجد عن الطبيعة هى مثل تلك التى توجد عن الصناعة وقوله فان الزرع يصنع كالتى من المهنة يريد فان الزرع يفعل المتكون بقوة فيه شبيهة بالمهنة اى انها ماهية المصنوع وهذا شىء قد بينه فى السادسة عشر من كتاب الحيوان وقوله وذلك ان فيه الصورة بالقوة يريد وذلك ان صورة المتكون هى فى الزرع بالقوة كما ان صورة المصنوع هى فى الصانع بالقوة وقوله والذى منه الزرع مشارك بالاسم بنوع ما يريد والذى يكون منه الزرع يشارك بالاسم والمعنى الذى يكون عن الزرع بنوع ما ولما كان قد اخبر انه ليس المشاركة هاهنا فى كل مولد ومتولد باطلاق بل بالتناسل اتى بالسبب فى ذلك فقال فانه لا ينبغى ان تطلب جميع الاشياء على الحال التى يكون انسان من انسان فان المراة من الرجل ولذلك ليس البغل من البغل يريد وانما قلنا ان المولود هو مثل الوالد بنوع ما لانه ليس يوجد فى جميع الاشياء المولود مثل الوالد باطلاق ومن جميع الجهات وذلك مثل كون انسان ذكر عن انسان ذكر اذ قد توجد المراة عن الذكر واكثر من ذلك ان يوجد البغل لا عن بغل ولا كن عن بغل ما وهو الذى اراد بقوله الا ان يكون بعض ما يريد الا ان يكون البغل عن بعض ما هو بغل وقوله فاما جميع التى تكون من ذاتها فتكون كما يكون هناك جميع التى لعنصرها قوة ان تتحرك من ذاتها هذه الحركة التى يحركها الزرع يريد فاما جميع التى تتكون من ذاتها لا عن شبيه بها فانها تتكون بنحو شبيه بتكون الاشياء التى فى عنصرها قوة تتكون عنها شبيه بالقوة التى فى الزرع يريد ان تكون الاعراض هو بنحو شبيه بتكون الجواهر التى تحدث عن غير جنسها ووجه الشبه بينهما انهما يتكونان لا عن ما هو مثلها بالنوع وقوله وجميع التى عنصرها لا يقوى على ذلك بنوع ما اخر لا منها˹ فانه يريد بذلك الحيوانات التى تتولد من غير جنسها ولا تولد فان عنصر هذه ليس فيه قوة ان يولد مثله وهو ايضا يتولد بنوع اخر غير نوع تولد الاعراض وغير تولد التى تتولد من تلقائها وغير نوع التى تتولد من البزور والزروع فهذا جملة ما قاله فى هذا الموضع من انه ان كانت هاهنا صور مفارقة انها ليس لها غناء فى الكون وان الكون انما يكون من الاشياء المتفقة بالصورة المختلفة بالعدد وفى هذا الذى قاله شكوك ليست باليسيرة وعويصات شديدة وذلك انه اذا انزل ان الذى بالقوة انما يكون بالفعل عن الشىء الذى هو من جنسه او نوعه بالفعل وكنا نجد هاهنا حيوانات كثيرة ونباتا كثيرا يخرج من القوة الى الفعل من غير زرع يتولد عن مثله بالصورة فقد يظن انه يلزم ان تكون هاهنا جواهر وصور هى التى تعطى هذه المتكونات من الحيوانات والنبات الصور التى هى بها حيوانات ونبات وهذا اقوى ما يحتج به لافلاطون على ارسطو وقد يقال ايضا انه اذا كانت الصور الجوهرية فى موجود موجود هى امر زائد على الصور المزاجية فى الامور الممتزجة وعلى الكيفيات الاول فى الاسطقسات الاربعة مثل صورة الخفة فى النار والثقل فى الارض وبخاصة النفوس فانها بين من امرها انها شىء زائد على الصور المزاجية فهذه الصور الزائدة على الكيفيات الموجودة فى هذه الاشياء لا تخلوا ان تتولد من ذاتها فيكون الكون من غير مكون او تتكون من شىء من خارج والذى من خارج لا يخلوا ان يكون شخصا من اشخاص ذلك النوع او من جنسه او صورة مفارقة لا كن لما كنا نجد صور الاشياء الغير متناسلة تتكون عن غير جنسها ونوعها فقد يجب ان يكون هاهنا صور تعطى صورها وليس يظن هذا فى غير المتناسلة بل وفى المتناسلة ايضا فان البزر ليس فيه نفس بالفعل وانما هى فيه بالقوة وكل ما هو بالقوة فهو يحتاج الى ما بالفعل وكذلك الامر فى ذوات البزور فان البزر ليس فيه نفس بالفعل فتكون نفسا بالفعل ولا يدعى ان النفوس هى شىء متولد عن المزاج الا على راى من يرى ان النفس هى مزاج فلمكان هذه الاشياء قد يظن انه واجب ان يدخل هاهنا صور مفارقة وهذا هو عند المتاخرين من المتفلسفين على فلسفة ارسطاطاليس الذى يسمونه العقل الفعال وقد يظن انه ليس يعطى الصور النفسانية فقط والصور الجوهرية التى للمتشابهة الاجزاء بل والصور الجوهرية التى للاسطقسات فانه يظهر ان الاسطقسات انما تفعل وتنفعل بكيفياتها لا بصورها الجوهرية وبالجملة فقد يظهر انه ليس هاهنا قوى فاعلة الا الكيفيات الاربع وهذه ليست صورا جوهرية ولذلك لسنا نقول ان الخفة والثقل قوى فاعلة ولا منفعلة وبالجملة فهذا الشك يدور على مقدمات احداها ان الشىء الذى بالقوة لا يخرج الى الفعل الا عن شىء مخرج له من نوعه او من جنسه وعلى ان الصور الجوهرية المادية ليست بفاعلة ولا منفعلة بالذات وان المنفعلة والفاعلة انما هى الكيفيات الاول واذا وضعت هذه المقدمات لزم عن ذلك ان يكون الفاعل لهذه الصور مبادئ ليست هيولانية ولذلك لما انقاد ابن سينا لهذه المقدمات اعتقد ان الصور كلها عن العقل الفعال وهو الذى يسميه واهب الصور وقد يظن ان تامسطيوس ايضا قد ينقاد الى هذا الراى اما فى الموجودات التى تتكون من غير بزر فذلك بين من امره وقد صرح بذلك فى تلخيصه فى مقالة اللام من هذا العلم واما فى جميع الصور فحيث يقول فى اخر مقالته السادسة فى تلخيصه لكتاب النفس ان النفس ليس هى التى فيها جميع الصور فقط اعنى المعقول والمحسوس بل وهى التى تركز جميع الصور فى المواد وتخلقها وهذا من قوله دليل انه يعنى بهذه النفس الصور المفارقة والذى يظهر من امر الاسكندر ان رايه موافق لراى ارسطو هاهنا ولما قاله فى السادسة عشرة من كتاب الحيوان فانه قيل هناك فى تكون الاشياء عن البزور من ذاتها مثل ما قيل هاهنا وايضا فلقائل ان يقول ان صور الاسطقسات انما تفيض عن واهب الصور بدليل انا نرى الحركة يتولد عنها نار بالفعل مما هو نار بالقوة ولسنا نقدر ان نقول ان الحركة تولد الصورة الجوهرية التى للنار فوجب ان تكون صورة النار الحادثة عن الحركة انما وجدت عن واهب الصور فهذا جملة ما يحتج به لهذا المذهب فلننظر نحن فى ذلك ونقول انه اذا تومل برهان ارسطو فى هذا الموضع على ان الصور الهيولانية هى المولدة للصور الهيولانية ظهر ان البزور هى التى تعطى صور الاشياء المتولدة عن البزور بالصور التى اعطاها المبزر المولد لها واما المتكونة من ذاتها فالاجرام السماوية هى التى اعطت هذه ما يقوم مقام الزرع والقوة التى فى الزرع فى التى تتولد من الزرع وان هذه كلها قوى طبيعية الاهية تكون مثلها على ما تكون المهن الصناعية مصنوعاتها ولذلك ما يقول ارسطو فى كتاب الحيوان فى هذه القوى انها شبيهة بالعقل يعنى انها تفعل فعل العقل وذلك ان هذه القوى تشبه العقل فى انها لا تفعل بالة جسمانية وبهذا المعنى تفارق هذه القوى المكونة وهى التى يعرفها الاطباء بالمصورة القوى الطبيعية التى فى ابدان الحيوان وذلك ان هذه تفعل فعل العقل العملى الا انها تفعل بالة محدودة واعضاء مخصوصة واما القوة المصورة فليس تفعل بعضو مخصوص ولذلك يشك جالينوس فيقول لا ادرى أهذه القوة هى الخالق ام لا ولاكنها بالجملة لا تفعل الا بالحرارة التى فى الزرع لا على انها صورة فيها كالنفس فى الحرارة الغريزية بل على انها منحصرة فيها شبيهة بانحصار النفس فى الاجرام السماوية ولذلك ما يعظم ارسطو امر هذه القوة وينسبها الى المبادى الالهية لا للطبيعة واما ان تكون هذه القوة عاقلة ذاتها فضلا عن ان تكون مفارقة فشىء لا يصح وبرهان ارسطاطاليس الذى يعتمده فى ذلك هو ان الصور ليس تتكون بذاتها لانه لو كان ذلك كذلك لكان الكون من غير عنصر العنصر واذا كان ذلك كذلك فالمتكون هو المصور واذا كان ذلك كذلك فالمكون له هو الذى يحرك العنصر حتى يقبل الصورة اى المخرج لها من القوة الى الفعل والمحرك للعنصر هو ضرورة اما جسم ذو كيفية فاعلة واما قوة جوهر تفعل بجسم ذى كيفية فاعلة ولو كان المكون لموضوع الصورة غير المكون للصورة لكان الموضوع وصورته اثنان بالفعل وذلك مستحيل ولذلك ليس يوجد الموضوع دون الصورة الا وهو مقول باشتراك الاسم فلكون موضوع الصورة لا وجود له الا بالصورة لم يتعلق فعل الفاعل به الا من جهة تعلقه بالصورة اذ لا يتعلق فعل الفاعل بالصورة فقط ولا بالموضوع دون الصورة واذا كان ذلك كذلك فبين ان فعل الفاعل انما يتعلق بالموضوع من قبل تعلقه بالصورة فالمكون لموضوع الصورة هو المكون للصورة بل لا يكون الموضوع الا من قبل تكوينه للصورة وتكوينه اياهما معا ولو كان الموضوع للصورة يتكون عن فاعل والصورة عن فاعل اخر لكان المفعول الواحد بما هو واحد يتكون عن فاعلين وذلك مستحيل فانه لا يتعلق بالفعل الواحد الا فعل فاعل واحد فعلى هذا ينبغى ان يعتمد فى هذا الموضع وهو الذى اعتمده ارسطو والقوم انما اتى عليهم فى هذا من قبل انهم لم يفهموا برهان ارسطو فى هذا الموضع ولا وقفوا على حقيقته وليس العجب من ابن سينا فقط بل ومن ابى نصر فانه يظهر منه فى كتابه فى الفلسفتين انه تشكك فى هذا المعنى وانما مال القوم الى مذهب افلاطون لانه راى قريب الشبه مما يعتقده المتكلمون من اهل ملتنا فى هذا المعنى من ان الفاعل للاشياء كلها واحد وانها ليس توثر بعضها فى بعض وذلك انهم راوا انه يلزمهم عن تخليق بعضها لبعض المرور فى الاسباب الفاعلة الى غير نهاية فاثبتوا فاعلا غير جسم وذلك لا يوصل اليه من هذه الجهة فانه ان وجد هاهنا ما ليس بجسم فليس يمكن فيه ان يغير العنصر الا بوساطة جسم اخر غير متغير وهى الاجرام السماوية ولذلك ما يستحيل ان تعطى العقول المفارقة صورة من الصور المخالطة للهيولى وانما حرك ارسطو الى ادخال عقل فاعل مفارق للهيولى فى حدوث القوى العقلية فقط لان القوى العقلية عنده هى غير مخالطة للهيولى فوجب ضرورة ان يتولد ما ليس بمخالط للهيولى بوجه ما عن غير مخالط للهيولى باطلاق كما وجب ان يتولد كل مخالط للهيولى عن مخالط للهيولى
[32] Textus/Commentum
Halaman 886