قال ارسطو العلة تقال على نوع واحد الذى منه يكون شىء وهو فيه مثل النحاس للصنم والفضة للخاتم وما اشبه ذلك من الاجناس وتقال على نوع اخر الصورة والمثال وهذا هو كلمة تدل كينونة الشىء واجناسه مثل ما ينسب نسبة الاثنين الى الواحد الى الذى بالكل وجميع العدد واجزاء الكلمة كذلك وايضا تقال على نوع اخر من حيث ابتداء التغير والسكون الاول مثل ما يقال المشير علة والاب للولد وبالجملة الفاعل للمفعول به والمغير للمتغير وايضا تقال بنوع اخر كالتمام وهذا هو الذى يكون الشىء من اجله مثل الصحة علة المشى فانا اذا سئلنا لم يمشى قلنا ليكون صحيحا واذا نحن قلنا هذا القول نرى انا قد ادينا العلة وكذلك سائر الاشياء التى بها يكون التمام بحركة شىء اخر وهو متوسط مثل ما يقال علة الصحة الحمية والاستفراغ او الادوية او الالات فان جميع هذه تتخذ لطلب التمام والفصل بينهما ان بعضها كالالات وبعضها كالافعال فالعلل تقال اكثر ذلك على هذه الانواع فلان العلل تقال بانواع كثيرة يعرض ان تكون علل كثيرة لشىء واحد ولا كن بنوع العرض مثل الصنم فان صناعة الاصنام علة والنحاس ايضا ليس بشىء اخر الا بانه صنم ولكنه ليس بنوع واحد بل احدهما كالهيولى والاخر كالذى منه تكون الحركة والنصب والصحة علل بعضها لبعض فان النصب علة الصحة وهى علة النصب ولاكنها ليست بنوع واحد بل بعضها مثل التمام وبعضها مثل ابتداء الحركة وايضا تكون علة واحدة للاشياء المتضادة مثل الشىء الذى اذا كان حاضرا كان علة ما ينبغى واذا غاب هذا بعينه ربما كان علة ضد ذلك مثل غيبة مدبر السفينة ربما كان علة انقلابها وحضوره علة سلامتها وهذان كلاهما اعنى الحضور وعدم الحضور علل كالمحركة التفسير يقول ان العلة تقال على العنصر مثل ما يقال ان النحاس علة الصنم والفضة علة الخاتم وتقال على الصورة والمثال وقوله وهذا هو كلمة تدل على كينونة الشىء واجناسه يريد وهذه العلة هى التى تدل على صورة الشىء الخاصة به وصورة اجناسه ثم اتا بمثال الصورة التى هى جنس فقال مثل ما ينسب نسبة الاثنين الى الواحد الى الذى بالكل يريد والصورة التى هى صورة الجنس هى مثل نسبة الاثنين الى الواحد فانها كالجنس الى النغمة التى بالكل وذلك ان نسبة الاثنين الى الواحد هى جنس هذه النغمة على ما تبين فى علم الموسيقى وقوله وجميع العدد واجزاء الكلمة كذلك يريد وكذلك العدد هو صورة عامة لاجزاء العدد وكذلك الكلمة اى الحد صورة عامة جنسية لاجزائه اى للحدود التى تحته وقوله وايضا تقال بنوع اخر من حيث ابتداء التغيير والتكون الاول اراد به العلة الفاعلة اعنى من حيث ابتداء التغيير والتكون الاول الذى منه اولا يكون التكون وقوله مثل ما يقال المشى علة يريد مثل كون المشى علة فاعلة للصحة والاب ايضا علة فاعلة للولد ولما ذكر العلل التى على طريق الهيولى والصورة والفاعل ذكر العلة التى هى الغاية ايضا فقال وايضا تقال بنوع اخر كالتمام وهذا هو الذى يكون الشىء من اجله مثل الصحة علة المشى فانا اذا سئلنا لم يمشى قلنا ليكون صحيحا واذا نحن قلنا هذا القول نرى انا قد اتينا بالعلة يريد وقد تقال العلة بنوع رابع وهى العلة التى هى التمام المقصود بفعل الفاعل مثل الصحة التى هى المقصودة بالمشى والرياضة والدليل على ذلك انه اذا قيل لم يمشى فلان ويرتاض قلنا ليكون صحيحا ثم قال وكذلك سائر الاشياء التى يكون بها التمام بحركة شىء اخر متوسط مثل ما يقال علة الصحة الحمية والاستفراغ والادوية والالات فان جميع هذه تتخذ لطلب التمام يريد والاشياء التى فعلها من اجل الغاية منها ما هى تفعل الغاية والتمام بانفسها واولا ومنها ما تفعله بوساطة غيرها مثل فعل الحمية الصحة والاستفراغ فان الاستفراغ يخرج الخلط الفاسد والحمية تصلحه وتستفرغه فيلزم عن ذلك وجود الصحة وكذلك الحال فى الادوية والالات انما تفعل الصحة بتوسط غيرها وكذلك الرياضة ثم قال والفصل بينهما ان بعضها كالالات وبعضها كالافعال يريد وهذه كلها تشترك فى وجود الغاية التى هى الصحة وانما ينفصل بعضها من بعض بان بعضها افعال فقط مثل المشى وبعضها الات مثل الادوية والمبضع والمحاجم ثم قال والعلة تقال اكثر ذلك على هذه الانواع يريد ان اسم العلة يقال على اكثر الامر واشهره على هذه العلل الاربعة وانما قال ذلك لانه قد يقال علل على لوازم هذه ولواحقها واثارها ثم قال فلان العلل تقال بانواع كثيرة يعرض ان تكون علل كثيرة لشىء واحد يريد ولما كانت العلل توجد على انواع مختلفة عرض ان تكون للشىء الواحد بعينه علل كثيرة وانما قال ˺عرض˹ لان من الاشياء ما ليس لها الا بعض العلل اعنى بعض اجناسها ثم اتا بالمثال فى ذلك مما كان مشهورا فى زمانهم ومحمودا فقال مثل الصنم فان صناعة الاصنام علة والنحاس ايضا علة بانه صنم ولا كنه ليس بنوع واحد بل احدهما كالهيولى والاخر كالذى منه تكون الحركة يريد مثال ذلك الصنم فان صناعة عمل الاصنام علة له وكذلك النحاس علة له لا كن بنوعين احدهما كالعلة الهيولانية وهو النحاس والاخرى كالعلة المحركة والمكونة وهى صناعة عمل الاصنام ثم قال والنصب والصحة علل بعضها لبعض فان النصب علة الصحة وهى علة النصب يريد والعلل التى فى الشىء الواحد بعينه بعضها علة لبعض فان المشى علة الصحة على انه فاعل والصحة علة للمشى على انها غاية له ولما عدد انواع العلل فاخذ يذكر احوالها مثل انه يعرض لها ان تكون عللا لشىء واحد ومثل ان بعضها علل لبعض اخذ يذكر ايضا حالة اخرى من احوال العلل فقال وايضا تكون علة واحدة للاشياء المتضادة مثل الشىء الذى اذا كان حاضرا كان علة ما ينبغى واذا غاب هذا بعينه ربما كان علة ضد ذلك يريد ان الاشياء المتضادة عللها متضادة وقد يمكن ان يكون الشىء الواحد بعينه علة للمتضادين لا بجهة واحدة لا كن بجهتين مختلفتين ثم اتى بمثال من ذلك فقال مثل غيبة مدبر السفينة ربما كان علة انقلابها وحضوره علة لسلامتها يريد مثل الملاح فان غيبته عن السفينة قد تكون سببا لعطب السفينة وحضوره سببا لسلامتها ثم قال وهذان كلاهما اعنى الحضور وعدم الحضور علل كالمحركة يريد وهاتان الحالتان من مدبر السفينة هما سببان للعطب والسلامة من جنس الاسباب المحركة والفاعلة
[3] Textus/Commentum
Halaman 487