179

Sharh Lum'at al-I'tiqad - Nasser al-Aql

شرح لمعة الاعتقاد - ناصر العقل

Genre-genre

أفضل الأمة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي
ثم ذكر مسألة التفضيل، قال: (وأفضل أمته أبو بكر الصديق) يعني: أفضل أتباع الرسول ﷺ أبو بكر الصديق، ثم عمر ثم عثمان ثم علي المرتضى.
وهذا الترتيب يعد اتفاقًا عند السلف، وإن كان أول الأمر قد جرى بينهم خلاف في عثمان وعلي أيهما أفضل، وهذا يعني أنهم أجمعوا على تفضيل أبي بكر أولًا ثم عمر، ثم اختلفوا بعض الوقت في أيهما يقدم: عثمان أو علي؟ وسبب ذلك قرابة علي ﵁ من رسول الله ﷺ وما خص الله به هذه القرابة من الفضل والحق، فحدث أول الأمر شيء من الخلاف وإن كان جمهور السلف وعامتهم في عهد الصحابة والتابعين وتابعي التابعين على تفضيل عثمان ثم علي، لكن هناك من نازع أول الأمر، وفي آخر الأمر بلغت النصوص العلماء واجتمعت لديهم تبين بالنص، أي: بالأحاديث الكثيرة عن النبي ﷺ أن ترتيب الأفضلية على نحو ترتيب الخلافة، وأن عثمان ﵁ أفضل من علي، وصار هذا يشبه الاتفاق فيما بعد.
وتعليل ذلك أن كثيرًا من النصوص الواردة في عثمان ما كانت تبلغ بعض الصحابة وبعض التابعين قبل أن تنتشر وتشتهر، فلما انتشرت واشتهرت علموا بهذا الترتيب من خلال النصوص، ونحن إذا استقرأنا النصوص الواردة في الأفضلية، نجد أن أكثرها يرد في أبي بكر، ثم يليه عمر، ثم يليه عثمان، ثم يليه علي.
فبعد اجتماع النصوص وجمعها صار هذا اتفاقًا بين السلف، وعلى هذا فإن الذين قدموا عليًا على عثمان في أول الوقت قبل أن تبلغهم النصوص يعذرون بذلك، وهذا اجتهاد سائغ؛ لأنها لم تبلغهم النصوص بمجموعها فيعرفوا ذلك الحق، أما بعد بلوغ النصوص فإن الأمر لم يعد محل خلاف، ولذلك السلف يرمون من فضَّل عليًا على عثمان بالتشيع، ويعتبرونه صاحب بدعة، وذلك بعد بيان النصوص وظهورها.
وكل من الخلفاء الراشدين صار له وصف، فـ أبو بكر سمي بـ الصديق وهذا علم عليه؛ لأنه صدق النبي ﷺ بالغيب والشهادة، وهو أول من صدقه من الرجال.
وعمر وصف بـ الفاروق لأن الله فرق بإسلامه بين الحق والباطل، وفرق الله بقوته وجرأته في الحق بين الحق والباطل، فكان ﵁ قويًا في الحق، درأ عن الإسلام شرورًا عظيمة، وبدعًا لو لم يكن منه ذلك الحزم لحصل شر عظيم، فهو الفاروق بين الحق والباطل.
وعثمان ذو النورين؛ لأنه تزوج باثنتين من بنات النبي ﷺ.
وأنا أعجب من الرافضة الحمقى كيف يطعنون في عثمان ﵁ مع أنهم يدعون أنهم ينتصرون لآل البيت، وعثمان ﵁ قد تزوج بنتين من بنات النبي ﷺ، زوجه النبي ﷺ لفضله ولحقه، وكأنهم بذلك يقدحون في النبي ﷺ حيث زوجه بابنتيه، ثم يقدحون ببنات النبي ﷺ اللتين تزوجهما عثمان، ثم يقدحون في هذا الإمام العظيم الذي جعل الله له ذلك الفضل.
ثم علي المرتضى، ولا أدري ما وجه تسميته بالمرتضى، فمن عرف في هذا قولًا فلا مانع أن يأتينا به ولو في الدرس القادم.

6 / 17