140

Sharh Lum'at al-I'tiqad by Khalid Al-Mosleh

شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

Genre-genre

الأدلة على أن للعبد مشيئة واختيارًا
فقوله ﵀: (وأنه لم يجبر أحدًا على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة) واضح، وأما أدلة هذا فذكر المؤلف ﵀ منها: (قال الله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة:٢٨٦]) أي: طاقتها، أي: ما تتسعه من العمل فعلًا وإيجادًا وتركًا واجتنابًا، فالله جل وعلا لا يكلف نفسًا إلا ما تقدر عليه وما تستطيعه.
قال المؤلف ﵀: (وقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦])، وتقوى الله هي: فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، فالأمر وهو إيجاد المطلوب، والنهي وهو ترك المحرم كله ينتظمه قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦] أي: اتقوا الله ما قدرتم وتمكنتم من ذلك.
قال ﵀: (وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ [غافر:١٧]) وهذا فيه أن ما يكون من الإنسان هو كسبه وعمله، وأنه يجازى على هذا الكسب والعمل يوم القيامة؛ ولذلك قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾ [غافر:١٧] أي: تجازى بما عملت وبما قدمت، فلا يظلم صاحب الطاعة بنقص طاعته، ولا يظلم صاحب المعصية بالزيادة عليه في إساءته ومعصيته.
قال ﵀: (فدل-أي: دل ما تقدم- على أن للعبد فعلًا وكسبًا)، أي: أثرًا في إيجاد فعله، واختيارًا في إيجاد فعله، وكسبًا، فينسب إليه ما يكون من العمل.
قال المؤلف ﵀: (يُجزى على حسنه -يعني: من الفعل والكسب- بالثواب، وعلى سيئه-يعني: من الفعل والكسب- بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره)، أي: ما يكون من فعله وكسبه، من حسناته وسيئاته، فكل ذلك واقع بقضاء الله وقدره، فيجتمع في هذا كمال الإيمان وكمال العبودية لله ﷿، حيث يؤمن العبد بالشرع ويعمل ويصدق ويؤمن بالقدر، وبه ينتظم إيمانه ويستقيم إسلامه، ولا قرار للإيمان إلا بهذا، وبهذا يكون قد انتهى ما ذكره المؤلف ﵀ فيما يتعلق بالإيمان بالقدر.

10 / 3