شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار
شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار
Genre-genre
معرفة الحديث المضطرب
لكي يكون الحديث مضطربًا لا بد من شروط ثلاثة: الشرط الأول: أن تكون رواياته ظاهرها التعارض.
الشرط الثاني: التساوي في القوة، بمعنى أن هذه الرواية في الصحيح وهذه في الصحيح، وهذا الراوي ثقة ثبت، والآخر ثقة ثبت، فلا تأتي بصدوق يهم وتعارض به الثقة الثبت.
الشرط الثالث: عدم إمكان الجمع.
والاضطراب أيضًا يضعف به الحديث، ويجعلنا نتوقف فيه، والاضطراب محل تفصيله في المصطلح لكن بعض العلماء لم يجد مثلًا على الاضطراب، وذلك لأن كثيرًا من العلماء -ومنهم الشافعي، وهو أولهم وسيدهم- كان يقول: ائتوني بأي أدلة ظاهرها التعارض أجمع لكم بينها.
وهناك كتاب مشهور جدًا في الجمع بين الأدلة المختلفة، وهو كتاب (تأويل مختلف الأحاديث) لـ ابن قتيبة وكتابه هذا من أمتع الكتب في ذلك، ومقصوده الجمع بين الروايات.
وهناك حديث يمكن أن نجعله مثلًا على المضطرب وهو حديث فاطمة بنت قيس عند الترمذي وابن ماجة وفيه: (أن النبي ﷺ سئل: هل في المال حق سوى الزكاة؟) فجاءت رواية عن فاطمة بنت قيس أن النبي ﷺ قال: (إن في المال لحقًا سوى الزكاة) فأثبتت هذه الرواية أن في المال حقًا سوى الزكاة، قال: (إن في المال لحقًا سوى الزكاة، وقرأ قول الله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ [البقرة:١٧٧]) إلى آخر الآيات.
والرواية الثانية جاءت أيضًا عند ابن ماجة عن فاطمة بنت قيس قالت: قال رسول الله ﷺ: (ليس في المال حق سوى الزكاة)، ففي الرواية الأولى إثبات حق آخر غير الزكاة، وفي الرواية الثانية نفي أي حق سوى الزكاة.
وهذا يعد من الاضطراب، ولذلك ضعف العلماء هذا الحديث؛ لأن الروايتين في القوة سواء، ولم يستطع أحد الجمع بينهما إلا بتعسر.
5 / 7