301

Syarh Jumal Zajjaji

شرح جمل الزجاجي

Genre-genre

وهذا فاسد لأنه قد تقرر أن كل عامل يحدث إعرابا وعلى مذهبه يكون العاملان لا يحدثان إلا إعرابا واحدا. وهذا الذي قاله كسر لما اطرد في كلام العرب من أنه لا بد لكل عامل من إحداث إعراب، وأيضا فالسماع يرد عليه، ألا ترى قوله:

وكتما مدماة كأن متونها

جرى فوقها واستشعرت لون مذهب

بنصب لون، فأعمل الثاني وهو استشعرت مع احتياج الأول وهو جرى إلى مرفوع وليس العاملان متفقين في العمل فيعملها في لون فلم يبق إلا مذهب سيبويه رحمه الله أو مذهب الكسائي.

أما مذهب الكسائي رحمه الله فاستدل على صحة مذهبه في حذف الفاعل بما ورد من قول الشاعر:

فإن كان لا يرضيك حتى تردني

إلى قطري لا إخالك راضيا

ففاعل يرضي محذوف. وهذا لا حجة فيه لاحتمال أن يكون أضمر لدلالة راضيا عليه كأنه قال: لا يرضيك مرض، ولأنه قد علم على من يعود كأنه قال: لا يرضيك هو أي شيء.

وإنما لم يجز حذف الفاعل لأنه لا يخلو من أمرين: أحدهما أن يحذف حذف اقتصار والآخر أن يحذف حذف اختصار.

أما الاقتصار فلا يتصور لأنك لو قلت: قام، ولم تذكر الفاعل ولا أردت أن تقدره لكنت قد تكلمت بغير مفيد.

وأما حذف الاختصار فلا يتصور أيضا لأن العرب قد جعلته مع الفاعل كالشيء الواحد، لما ذكرنا من تسكين آخر الفعل له في مثل قولك: أكرمت وضربت.

فإن قيل: الدليل على صحة مذهب الكسائي قول الشاعر:

لو كان حيي قبلهن ظعائنا

حيي الحطيم وجوههن وزمزم

فأعمل في الحطيم حيي الثاني، إذ لو أعمل الأول لأضمر في الثاني كل ما يحتاج إليه باتفاق كما تقدم، فكان يقول: حييا، فلما أعمل الثاني قال: حيي، وحذف الفاعل، وكذلك أيضا قول النابغة:

تعفق بالأرطى لها وأرادها

رجال فبذت نبلهم وكليب

ولو أضمر الفاعل لقال: تعفقوا، على مذهب سيبويه رحمه الله من إعمال الثاني وكذلك قول الآخر:

Halaman 77