Syarh Jumal Zajjaji
شرح جمل الزجاجي
Genre-genre
وأما المبرد فزعم أنه لا حجة في البيت لاحتمال أن يكون الضمير الذي في مصطلاهما عائدا على الأعالي، فكأنه قال: جونتا مصطلى الأعالي، فأعاد الضمير على الأعالي على صيغة التثنية لأنهما في المعنى أعليان، فوقع الجمع موقع التثنية لأنه من باب قطعت رؤوس الكبشين، فيكون نظير قول الآخر:
........
رؤوس كبيريهن ينتطحان
وإذا كان على هذا لم يكن مثل مررت برجل حسن وجهه، ألا ترى أن «حسن وجهه«وبابه يلزم فيه تكرار الضمير، لأن في حسن ضميرا يعود على الرجل والضمير في وجهه يعود على الرجل أيضا وليس كذلك: جونتا مصطلاهما، على ما أخذه سيبويه رحمه الله، لأن الضمير الذي في جونتا يعود على الجارتين والضمير الذي في مصطلاهما يعود على الأعالي.
والذي يبطل ما ذهب إليه المبرد فساد المعنى وضعف اللفظ، أما ضعف اللفظ فإن عود الضمير على الظاهر ينبغي أن يكون على حسبه في اللفظ، وحمله على المعنى قليل، وأما فساد المعنى فإنه يكون المعنى إذ ذاك: جونتا مصطلى الأعالي، والمصطلى في الحقيقة إنما هو لجارتين لا للأعالي، فيصير ذلك بمنزلة قولك: مررت برجل حسن وجه رأسه، فتضيف الوجه إلى الرأس وإنما هو للرجل، فكما أن العرب لا تقول هذا فكذلك لا تقول ما هو بمنزلته.
وأيضا فإن أهل الكوفة قد حكوا مثل: مررت برجل حسن وجهه، بالنصب.
وإذا ثبت النصب جاز الخفض، لأن الإضافة إنما تكون منه، وأنشدوا على ذلك:
أنعتها إني من نعاتها
كوم الذرى وادقة سراتها
ففي وادقة ضمير يعود على الأرض المتقدمة الذكر، وسراتها منصوبة والضمير المتصل بها يعود على الأرض المتقدمة أيضا. ومثل جونتا مصطلاهما بيت الأعشى في إحدى الروايتين أيضا:
فقلت له هذه هاتها
Halaman 44